186

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
[فَصْل فِي الْإِنْكَار عَلَى أَهْلِ السُّوقِ]
ِ) قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَنْ تَيَقَّنَ أَنَّ فِي السُّوقِ مُنْكَرًا يَجْرِي عَلَى الدَّوَام أَوْ فِي وَقْتٍ مُعَيَّن وَهُوَ قَادِر عَلَى تَغْيِيره لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسْقِط ذَلِكَ عَنْهُ بِالْقُعُودِ فِي بَيْتِهِ بَلْ يَلْزَمهُ الْخُرُوج وَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَغْيِير الْبَعْض لَزِمَهُ.
[فَصْل فِي الْإِنْكَار عَلَى أَهْل الذِّمَّة]
فَصْل (الْإِنْكَار عَلَى أَهْل الذِّمَّة)
إذَا فَعَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَمْرًا مُحَرَّمًا عِنْدهمْ غَيْر مُحَرَّم عِنْدنَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ وَنَدَعُهُمْ وَفِعْلَهُمْ سَوَاء أَسَرُّوهُ أَوْ أَظْهَرُوهُ. هَذَا ظَاهِر قَوْل أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ لِأَنَّ اللَّه ﷾ مَنَعَنَا مِنْ قِتَالِهِمْ وَالتَّعَرُّضِ لَهُمْ إذَا الْتَزَمُوا الْجِزْيَة وَالصَّغَار وَهُوَ جَرَيَان أَحْكَام الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُود إقَامَة أَمْر الْإِسْلَام وَهُوَ حَاصِل لَا أَمْرِ دِينِهِمْ الْمُبَدَّل الْمُغَيَّر، وَلِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِمْ بِإِنْكَارِ ذَلِكَ وَالتَّعَرُّض لَهُمْ فِيهِ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيل وَالْأَصْل عَدَمه لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَاسِقًا فِي دِينه قَدْ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَام الدُّنْيَا فَلَا تَصِحّ شَهَادَته مُطْلَقًا وَلَا وَصِيَّته إلَى غَيْره وَلَا وَصِيَّة غَيْرِهِ إلَيْهِ.
وَإِنْ فَعَلُوا أَمْرًا مُحَرَّمًا عِنْدنَا فَمَا فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ غَضَاضَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ يُمْنَعُونَ مِنْهُ وَيَدْخُل فِيهِ نِكَاح مُسْلِمَة وَيَدْخُل فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي جُزْءٍ لَهُ أَنَّهُمْ إنْ تَبَايَعُوا بِالرِّبَا فِي سُوقِنَا مُنِعُوا لِأَنَّهُ عَائِد بِفَسَادِ نَقْدِنَا فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّا لَا نَمْنَعهُمْ فِي غَيْرِ سُوقِنَا، وَالْمُرَاد إنْ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ.
وَفِي الِانْتِصَار فِيمَا إذَا عُقِدَ عَلَى مُحَرَّم هَلْ يَحِلّ؟ إنَّ أَهْلَ الذِّمَّة لَوْ اعْتَقَدُوا بَيْع دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ يَتَخَرَّج أَنْ يُقَرُّوا عَلَى وَجْهٍ لَنَا، فَظَاهِر هَذَا بَلْ صَرِيحه أَنَّ الْأَشْهَر مَنْعُهُمْ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ فِي تَحْرِيم الرِّبَا عَلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَاب الرِّبَا وَيَدْخُل فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَفِي هَذَا الْجُزْء أَنَّهُ لَا يَجُوز

1 / 187