155

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
قَالَ أَحْمَدُ ﵀ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا أَمَرْتَ أَوْ نَهَيْتَ فَلَمْ يَنْتَهِ فَلَا تَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ لِتُعَدِّيَ عَلَيْهِ فَقَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ إذَا آلَ إلَى مَفْسَدَةٍ وَقَالَ أَيْضًا مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ خَوْفَ التَّلَفِ، وَكَذَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ﵃.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضٍ وُجُوبَ الْإِنْكَارِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَغَيْرِهَا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ ﷿ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولَ فِيهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿ مَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَ فِيهِ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ خَشِيتُ النَّاسَ، فَيَقُولُ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ يُخْشَى وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ فِي حَقِّ اللَّهِ ﷿ إذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ وَاَللَّهِ قَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا.
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِهِ «إنَّ أَحَدَكُمْ لَيُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَكُونَ فِيمَا يُسْأَلُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ مَا مَنَعَك أَنْ تُنْكِرَ الْمُنْكَرَ إذَا رَأَيْتَهُ؟ فَمَنْ لَقَّنَهُ اللَّهُ حُجَّتَهُ قَالَ يَا رَبِّ رَجَوْتُك وَخِفْتُ النَّاسَ» .
وَعَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ قِيلَ كَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقِيلَ إنْ زَادَ وَجَبَ الْكَفُّ، وَإِنْ تَسَاوَيَا سَقَطَ الْإِنْكَارُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَمَّا السَّبُّ وَالشَّتْمُ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ فِي السُّكُوتِ لِأَنَّ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ يَلْقَى ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ عُذْرٌ لِأَنَّهُ أَذًى، وَلِهَذَا يَكُونُ تَأْدِيبًا وَتَعْزِيرًا، وَقَدْ قَالَ لَهُ أَبُو دَاوُد وَيُشْتَمُ قَالَ يَحْتَمِلُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى لَا يُرِيدُ أَنْ يَنْتَصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْخَلْقِ عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَزِمَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا تَعْطِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

1 / 156