148

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
فَالْعَارِفُ يَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْإِجَابَةِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَمَلُّ وَلَا يَسْأَمُ وَيَجْتَهِدُ فِي مُعَامَلَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ﷿ فِي غَيْرِ وَقْتِ الشِّدَّةِ فَإِنَّهُ أَنْجَحَ قَالَ ﵇ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ ﷿ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ غَرِيبٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ ﷿ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرْ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ» .
فَهَذِهِ الْأُمُورُ يَنْظُرُ فِيهَا الْعَارِفُ وَيَعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ إمَّا لِعَدَمِ بَعْضِ الْمُقْتَضَى أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ فَيَتَّهِمُ نَفْسَهُ لَا غَيْرَهَا وَيَنْظُرُ فِي حَالِ سَيِّدِ الْخَلَائِقِ وَأَكْرَمِهِمْ عَلَى اللَّهِ ﷿ كَيْفَ كَانَ اجْتِهَادُهُ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ وَغَيْرِهَا، وَيَثِقُ بِوَعْدِ رَبِّهِ ﷿ فِي قَوْلِهِ:
﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] وَقَوْلِهِ: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦] وَلِيَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، وَأَنَّ مَنْ تَعَاطَى ذَلِكَ عَلَى خَيْرٍ وَلَا بُدَّ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُجِبْ إلَى دَعَوْتِهِ حَصَلَ لَهُ مِثْلُهَا وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إلَّا آتَاهُ اللَّهُ ﷿ إيَّاهَا وَصَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةٍ. قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ إذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ» وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ وَفِيهِ «إمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّعَاءِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَ آدَابِ الْقِرَاءَةِ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بِهَذَا.

1 / 149