فسموا هذا النور إيمانا، وذلك جائز في اللغة؛ وعلى هذا التأويل قول الحسن ﵀ (غير مستكمل الإيمان)، أي لم يستكمل النور؛ فوجدنا التبحر في العلم بالله بحسن المعرفة يملأ القلب نورًا، يحرق ذلك النور جميع نيران النفس، من الشهوات الهاوية في القلب إلى الإخلاد والتمكث، فلذلك تراه في الآخرة يطفئ نوره نيران الآخرة والتمكث على الجسر، وهكذا صفة المؤمن يومئذ على الجسر. قلنا كان أصل هذا الأمر، والمدار عليه، هو الإيمان به، وحسن المعرفة له، كما وصفنا، من السكون والطمأنينة، والثقة به، والركون إليه، على قدر ضعف اليقين وقوته، كما ذكرنا بديا؛ امتحن الله تعالى بفرائضه وحدوده وأمره ونهيه، ونهاهم عن أشياء، وشهوات تلك الأشياء مركبة فيهم، وأمرهم بأمور، فثقل عليهم إتيانها، وحد لهم حدودًا، فمد هواهم إلى مجاوزتها، وإلى التقصير فيها، والقعود عن إتمامها، ليظهر ما في ضمائرهم، ومقادير إيمانهم في الضعف والقوة، لخلقه من في السموات والأرض
1 / 90