فلما رأيت سوء أدبها منعتها، حتى إذا ذلت وانقمعت، ورآني ربي مجاهدًا في ذاته حق جهاده، هداني سبيله كما وعد تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وأن الله لمع المحسنين). فصرت عنده بالمجاهدة محسنًا فكان الله معي، ومن كان مع الله فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل؛ وقذف في القلب من النور نورًا عاجلًا في دار الدنيا، حتى يوصله إلى ثواب الآجل؛ ألا ترى إلى ما جاء عن رسول الله ﷺ أنه قال: (إذا قذف النور في قلب عبد انفسح وانشرح، قيل: يا رسول الله، فهل لذلك من علامة؟ قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله)؛ وإنما تجافى عن دار الغرور، بما قذف في قلبه من النور، فأبصر به عيوب الدنيا ودواهيها وآفاتها وخدعها وخرابها، فغاب عن قلبه البغي والرياء والسمعة والمباهاة والفخر والخيلاء
1 / 65