النفس لم تضطربين؟ قالت: لأني محتاجة، وخلقت مضطرة، ذات شهوات، لا أبصر أمكنة الأشياء، ولا أعرف أوقاتها، ولا أعلم مقدارها، واشتبهت على كيفية أسباب وصولها إلي. فقال لها: أيتها النفس، إن كنت قد آمنت بربك، فحقيق عليك أن يكون كلام رب العالمين ووعده وضمانه وتكليفه، أثبت عندك وأوكد وأقوى من الذي تبصرينه على المشاهدة، لأن البصر ربما أخطأ، وربما كان مسحورًا، يرى أنه كذلك وليس كذلك، وقول رب العالمين أصدق وأبر، وأوفى وأثبت من بصرك بعينك، فلو أبصرت الشيء الذي يحويه ملكك اطمأننت وسكنت، فكيف لا يكون بضمانه أشد طمأنينة، أرأيت لو كان لك ديوان فيه غرماء ملاء أسماؤهم، مكتوب فيه: على فلان ألف درهم، وعلى فلان ألف دينار، وعلى فلان عشرة آلاف درهم، أكنت تطمئنين؟ فإن وجدتها قد طابت وسكن اضطرابها لما وجدت في الديوان من أسماء هؤلاء، وهم أهل صدق ووفاء، فأنشر
1 / 21