إن الأسلوب، في الجزء الخاص منه، هو الناحية المزاجية، أو الأخلاقية، أو النفسية للكاتب.
أذكر أن أحد الكتاب وصف أسلوبي بالتبذل، وهذا الكاتب نفسه (عباس محمود العقاد) قد أخبر قراءه - وهنا الدلالة - بأني أسكن في حي وطني من الأحياء الفقيرة بالقاهرة!
لقد انخفضت مكانة الشعب حتى صار من يكتب له، أو يسكن في أحيائه، يعد متبذلا ... «غير متفوق».
ولذلك أعتقد أنه عندما يتبوأ الشعب مكانه، ويبرز إلى وجدان الكتاب حتى يحترموه ويهتموا باهتماماته، عندئذ سيكتبون له، أي بالأسلوب الشعبي، ولكن كثيرا منهم الآن يتعالون عليه، فلا يسكنون في أحيائه ولا يكتبون له.
واعتقادي لهذا السبب، أن أسلوبي هو أسلوب المستقبل في مصر، بل في الأقطار العربية الأخرى، حين ترتفع الشعوب فيها إلى وجدان كتابها.
إننا نمدح الأسلوب الديمقراطي في نظام الحكم، وفي نظام العائلة ، وفي نظام التعليم، وفي نظام المجتمع، ولكننا ما زلنا نتعلق بالأسلوب الأرستقراطي في الكتابة، وليس لهذا من سبب سوى أن الكتاب لا يزالون بعيدين، بنفوسهم، عن الشعب، وهم لذلك «لا يتبذلون».
أليس الأسلوب الشعبي هو الأسلوب الديمقراطي؟
ولست أعني بقولي هذا أننا نكتب للشعب بلغته «العامية» وإنما أعني أن نكتب له بلغة شعبية فنية، ولا يمكن هذا إلا بأن نهتم باهتماماته، ومتى فعلنا هذا فإننا نقترب منه، ونحس إحساسه، ونجد أن أسلوبنا شعبي في عامته.
شعبي في عامته ولكنه نفسي في خاصته؛ لأن الأسلوب الأمثل هو أسلوب النفس عند الكاتب.
وعندئذ يختلف الكتاب حتى حين يكون أسلوبهم شعبيا.
Unknown page