وقد قلت إن الأديب يجب أن يطربنا، ولكنه يجب أيضا أن يغيرنا، أجل، يغيرنا برسالته. •••
ما هي الحضارة المصرية القادمة التي يجب علينا - نحن الكتاب - أن ندعو إليها ونهيئ لها؟
إننا نحيا مترددين بين القيم القديمة وبين القيم الجديدة، فأيتهما القيم الفضلى التي تربي الشخصية السامية والمجتمع الفاضل، والتي تدعو إلى ثراء المال والذهن والسعادة والحب؟
هل هي الأخلاق القديمة أم الأخلاق الجديدة؟
إن عندنا كتابا يكتبون كما لو كان مجتمعنا هو المجتمع النهائي الذي وصل إلى قمة الارتقاء، فلا يجوز لنا أن نفتش عن معايبه، ولا أن نناقش عاداته وتقاليده، وكأن ما نحيا فيه من عادات وتقاليد يجب أن يبقى بلا تغيير إلى مائة سنة، بل إلى ألف سنة قادمة، يتزوج سلائلنا في سنة 2955 كما نتزوج الآن، ويطلقون كما نطلق الآن، ويفهمون من معاني الأخلاق كما نفهم الآن، بلا تطور.
ما هي البذور التي نزرعها الآن كي تنمو في المستقبل ؟
أين بذور الحرية التي نزرعها؟
كيف نتحرر من الطغاة المستبدين، وكيف نتحرر من التقاليد التي تخنق التطور؟
لما جاء نابليون مصر ألف مجلسا استشاريا من شيوخ الأزهر، وحدث أن طلب إليهم تعيين بعض الكبار من الموظفين، مثل «حكمدار» القاهرة، ورئيس الحسبة الذي كان يشرف على الأسواق والأسعار، ورئيس القضاة، فرفض هؤلاء الشيوخ تعيين هؤلاء من المصريين وأصروا على أن يعينوا من الأتراك!
إننا نفهم من الاستبداد أنه استعباد الأمير أو الملك للشعب فقط، ولكن الرق كان في قلوب هؤلاء الشيوخ الذين رفضوا أن يكونوا أصحاب بلادهم، وآثروا الأتراك على أنفسهم في هذه المناصب.
Unknown page