وعشنا في كنف الغرب ...
والكهانة ماضية في التأكيد لنا أن المدنية زيف ورجس عظيم ... والعلم من صنع الشيطان!
والاستعمار لا يجد أبرع من هذه الدعوة في مواصلة استعبادنا، وفي نفس الوقت يتقدم هو إلى الأمام ... إلى أقصى قمم المدنية والعمران!
المدنية زيف ... الحضارة شر ... التقدم خروج على مشيئة رب العباد ... هذه هي دعوة الكهانة في بلاد المسلمين!
أكتفي بما نقلت عن السيد أنور السادات، والحق أن هذه الكلمات قد زادتني إيمانا بأننا في نهضتنا نسير مع الأحرار المخلصين الذين ينظرون إلى وطننا ليس نظرة الأمانة والإخلاص فقط، بل نظرة الذكاء والفهم أيضا.
وبعد هذا الذي نقلته سيجد القارئ مقالي تافها ضعيفا، ولكن عليه أن يذكر تحرجي، بل عليه أن يذكر أن هذا المقال على ضعفه قد رفض نشره ممن كانوا يتحرجون أكثر مني، وإليك نص المقال:
على أثر الحوادث المؤسفة التي حدثت في السودان عند افتتاح البرلمان نشرت كلمة قلت فيها إننا نحن والسودانيين، بل جميع أبناء الشعوب العربية، نحتاج إلى كتاب شهداء من الصحفيين والأدباء والمؤلفين والشعراء.
وذلك لأنه اتضح من هذه الحوادث المؤسفة في السودان، وكذلك من الحوادث التي حدثت في مصر في الثلاثين سنة الماضية، أن الشعوب العربية كانت تضلل بدلا من أن ترشد، وأن الزعماء والقادة الذين يستحقون النصيحة، بل أحيانا العقوبة، كان يتملقهم الكتاب ويؤلف الشعراء في مديحهم القصائد الطوال، وكأنهم بذلك يؤيدون العار ويصمدون له .
ثم هناك رجعيون كانوا يعطلون ارتقاءنا، ويصمون المفكر المخلص بأنه كافر أو إباحي أو خائن، مع أنهم كانوا يعرفون في أعماق سرائرهم أنهم يفترون، ولكنهم كانوا يتملقون العامة والغوغاء بدلا من أن يقودوها.
ومثال ذلك أننا كلما دعونا إلى إصلاح العائلة، أو تقييد الزواج، أو تقييد الطلاق، أو مساواة المرأة بالرجل، أو تعليمها حتى تستطيع الاستقلال والكسب، أو التسليم بحقوقها الدستورية ناخبة للبرلمان ومرشحة للعضوية فيه، أو نحو ذلك، هب في وجوهنا هؤلاء الرجعيون يتهموننا بالكفر ومخالفة التقاليد.
Unknown page