وأحسن ما أحب فيهما أنهما كانا يحاربان الاستعمار، وقد نجحا في محوه من الهند، ولكنهما مع ذلك لم يجبنا عن محاربة التقاليد والديانات الرجعية في بلادهما.
وكل منهما «مسفسط» من حيث أنه قد اختبر ودرس مركبات المدنية، وعرف نوازع الشر، ووقف على الأسرار التي تختبئ في الظلام، ولكنه مع ذلك يؤثر السذاجة في العيش والرضا باللقمة الجافية مع الفكرة العالية.
إنها لجريمة في حق العرب أن تبقى مؤلفاتهما بعيدة عن الشعب، بل عن العامة. •••
لقد مضى علي أكثر من نصف قرن وأنا أقرأ المئات من المؤلفين الأدباء، ولكن هؤلاء المؤلفين العشرة هم الذين أصطفيهم الآن لأن تنقل مؤلفاتهم إلى لغتنا؛ لأني وجدت فيهم التربية والإخصاب، زيادة على ما وجدت من اللذة والإعجاب.
القصة المصرية
يتفشى بيننا هذه الأيام نوعان من المؤلفات، لكليهما دلالة على تطور في المجتمع المصري.
فأما النوع الأول، الذي أذكره عبورا كي أتركه، فهو المؤلفات السيكلوجية التي تبحث هموم الشبان ومتاعبهم النفسية وأشواقهم وأحزانهم؛ فإن هذه المؤلفات تدل على أن قيم الأخلاق المدنية تغزونا، وأننا قد تركنا القيم الريفية، أي أننا قد أخذنا باستقلال النفس، فلا استسلام ولا تواكل.
وهمومنا الجديدة هي استقلالنا الجديد، استقلال النفس المصرية.
وأنا أذكر هذا للتقرير وليس للمدح.
وأما النوع الثاني من المؤلفات التي تتفشى في مجتمعنا فهو القصص، وتفشيها أيضا يدل على أننا نعيش في مجتمع جديد لم نكن نعرفه فيما بين 1900 و1920، أي أننا عرفناه بعد النهضة السياسية حين شرعنا نستقل نفسا وشعبا.
Unknown page