وقال بعضهم: دخلنا على عطاء نعوده في مرضه الذي مات فيه، فقلنا له: كيف ترى حالك؟ فقال: الموت في عنقي، والقبر بين يدي، وفي القيامة موقفي، وعلى جسر جهنم طريقي، ولا أدري ما يفعل بي، ثم بكى بكاء شديدا، حتى غشي عليه، فلما أفاق، قال: اللهم ارحم وحشتي في القبر، ومصرعي عند الموت، وارحم مقامي بين يديك، يا أرحم الراحمين.
وقيل: إن محمد بن المنكدر بكى عند موته، فقيل له: ما يبكيك؟ فرفع طرفه إلى السماء، وقال: اللهم إنك أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت؛ فإن غفرت فقد مننت، وإن عاقبت فما ظلمت.
قال بعض الصالحين: بينا أنا أطوف بالكعبة، وإذا أنا بجارية تقول: يا كريم!، عهدك القديم؛ فإني على العهد مقيم، فقلت: يا جارية! وما العهد الذي بينك وبينه؟ قالت: يا أخي! أمر عجيب، وذلك أني كنت في البحر، فهبت بنا ريح، فدمرت كل من في السفينة، وغرق كل من فيها، فلم ينج منهم غيري، وهذا الطفل، وبقيت على لوح، ورجل أسود على لوح آخر، فلما أصبح الصبح دخل الأسود إلي، وجعل يدافع الماء بذراعيه حتى وصل إلي واستوى معنا على اللوح، وجعل يراودني عن نفسي، فقلت له: يا عبد الله! نحن في بلية لا نرجو السلامة منها بطاعة، فكيف بالمعصية؟!
Page 72