Adab Atfal Muqaddima Qasira
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Genres
وكما أوضحت هذه الدراسة التاريخية الموجزة، فقد كان أدب الأطفال يكتبه بشكل تقليدي الكبار من أجل جمهور من الأطفال ، ومن المعتاد في مجال نقد أدب الأطفال - على العكس من أشكال الكتابة الأخرى - أن الجمهور هو من يحدد ويعرف أدب الأطفال؛ إذ لا يتم تعريفه من خلال خصائص مثل الجنس الأدبي أو الفترة الزمنية أو الأسلوب أو المؤلف. وتاريخيا، لم يكتب الأطفال المواد التي «نشرت» كأدب للأطفال؛ لأنه لم تتح لهم إمكانية كبيرة للوصول إلى الأدوات الضرورية للقيام بذلك، وحتى في الوقت الذي وصل فيه تقدير قدرة الأطفال على التخيل إلى ذروته، كان هناك افتراض عام بأن الأطفال لا يمتلكون خبرة كافية بهذا العالم أو بحرفة الكتابة لكي يكون لديهم ما يقولونه، أو لكي يقولوا ما يدور برءوسهم بطريقة مثيرة للاهتمام. وفي الواقع، لقد كان الأطفال دائما «منتجين» للقصص والألغاز والشعر والنكات وغيرها من المواد الأدبية (بما في ذلك الروايات والقصائد والمسرحيات وغيرها من الأعمال الأدبية الأكثر وضوحا)، وفي عصر النشر المكتبي، والروايات التي يؤلفها المعجبون، وغيرها من أشكال المنشورات عبر الإنترنت، فإن الأطفال والشباب صاروا يعثرون على طرق للكتابة لجمهور يتخطى نطاق عائلاتهم وأصدقائهم وأقرانهم، وما زال الوقت مبكرا لكي نحدد نوع التأثير الذي سيتركه هذا الأمر على فهمنا للعناصر التي تشكل أدب الأطفال، ولكنه قد يلعب دورا مهما في إعادة النظر في مدى فائدة مسمى أدب الأطفال، على الأقل فيما يخص الدراسة الأكاديمية للكتابة الموجهة للأطفال.
الكتابة للأطفال
وفي سياق وصف نوع المادة الأدبية التي اعتبرت أدبا للأطفال في أزمنة مختلفة وكيف تغير هذا التوصيف، فقد اتضحت بعض الخصائص المقترنة بالكتابة للأطفال والشباب، وقبل المضي قدما ودراسة التطورات الأخرى التي طرأت على هذا المجال، حري بنا أن ننظر إلى بعض النزعات المسيطرة في القصص الخاصة بالأطفال والشباب، وكيف ترتبط تلك النزعات بصور الأطفال وفترة الطفولة وفترة المراهقة.
وبالرغم من التغيرات المحيطة بأدب الأطفال وقرائه، فقد كان هناك - على مر السنوات - اتفاق هائل حول المقومات التي تجعل أحد النصوص «مخصصا للأطفال» على مستوى الأسلوب والمحتوى. وبعد أن حللت باربرا وول (1991) الطريقة التي يؤسس بها عدد من كتاب روايات الأطفال الكلاسيكية المؤثرين العلاقة بين الراوي والقراء، توصلت إلى أن الطريقة التي يخاطب بها الكتاب الكبار القراء من الأطفال مشابهة للطريقة التي يتحدث بها الكبار إلى الأطفال، وتؤثر على نبرة الصوت والمفردات واختيار الكلمات وكم التفاصيل المتضمنة في التوصيفات والتفسيرات. وتحدد باربرا وول ثلاثة أساليب استخدمت على نحو تقليدي في الكتابة للأطفال: الأسلوب الأول هو المخاطبة المزدوجة، والتي يتنقل الراوي فيها بين مخاطبة القراء الأطفال ومخاطبة الكبار الذين من المفترض أنهم يقرءون بصحبتهم، أو يراقبون عملية القراءة، وعادة ما يظهر الراوي متحدثا بلغة تفوق مستوى استيعاب الأطفال، ومتواطئا مع الكبار. إن المخاطبة الفردية تخاطب القارئ الطفل فحسب، بينما تنجح المخاطبة المزدوجة في مخاطبة القراء من الأطفال والكبار في وقت واحد وبقدر متساو؛ مما ينتج عنه تجربة قراءة ممتعة ومرضية لكليهما. ومراعاة تصنيفات باربرا وول لأنواع المخاطبة قد يكون مفيدا في تحديد إلى أي مدى يفترض الكتاب أن قاعدة القراء من الأطفال، ويساعد في تتبع التغيرات التي تطرأ على علاقات الكبار والأطفال في النصوص الأدبية بمرور الوقت. وكما رأينا في بعض الأمثلة التاريخية التي ناقشناها من قبل، فقد كانت الكتابة المبكرة تميل إلى استخدام المخاطبة المزدوجة، حتى وصل الأمر إلى إدراج أقسام مخصصة للكبار في كتب الأطفال. وبداية من القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر، سيطرت المخاطبة الفردية على الكتابة للأطفال الذين يقرءون الكتب باستقلالية تامة. أما الكتب المصورة - والتي عادة ما يقرؤها الكبار للأطفال - فقد استخدمت في الغالب المخاطبة الثنائية أو المزدوجة، في حين أن المخاطبة الثنائية تعد سمة مميزة للكتابات مختلطة الجمهور.
ولا يمثل أسلوب المخاطبة الاختلاف الوحيد بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار؛ ففي مقارنة بين الأسلوبين، كثيرا ما يتم اقتباسها، توصل مايلز ماكدويل إلى أن:
كتب الأطفال عادة ما تكون أقصر، وتميل إلى تفضيل المعالجة النشطة وليس السلبية، مع وجود حوار وأحداث بدلا من الوصف وسبر أغوار النفس؛ فأبطال القصص من الأطفال هم المسيطرون، وتستخدم الأعراف والتقاليد بكثرة، والقصة تتطور بداخل بنية أخلاقية واضحة ... وتميل كتب الأطفال إلى أن تكون تفاؤلية وليست كئيبة، واللغة موجهة للأطفال، وتتميز الحبكات الدرامية بترتيب متميز، والاحتمالية غالبا ما تكون مستبعدة، وقد يستمر المرء في الحديث عن السحر والخيال والبساطة والمغامرة إلى ما لا نهاية.
والدليل الذي يدعم الملخص الذي قدمه ماكدويل قدمه الباحث الدانماركي توربن فاينريش (2000)، الذي أوضح أن عملية تعديل نصوص الكبار لتناسب الأطفال تتطلب جعل تلك النصوص أقصر وأبسط، وإضافة رسومات إليها في أغلب الأحيان. وقد اختتم بيري نودلمان
الفصل الأول
من تحليله المفصل لأدب الأطفال، والمعنون «الكبير الخفي: تعريف أدب الأطفال» (2008)، بقائمة أطول، ولكن شديدة الشبه بالقائمة التي أعدها ماكدويل. وكما يستفيض نودلمان قائلا إنه من المهم أن نفرق بين الكتابة البسيطة والكتابة المفرطة في التبسيط؛ وذلك لأن الكثير من كتب الأطفال التي تبدو بسيطة تتحدث عن أشياء مثيرة للتفكير ببساطة راقية، بل وأحيانا خادعة. على سبيل المثال، تناقش روايتا «شبكة شارلوت» (1952) لإي بي وايت، و«الرجل» (1992) لرايموند بريجز - إلى جانب قضايا أخرى - قضيتي الموت والتهميش على التوالي (انظر الشكل رقم
6-2 ) بمهارة وأسلوب فلسفي. وكذلك، فليست كل كتب الأطفال مكتوبة ببساطة؛ فروايات مثل «الفأر وطفله» (1967) لراسل هوبان، و«كودي» (1994) لويليام ماين، و«الكاذب» (2009) لجاستن لاربالستيير، تتسم بصعوبة الأسلوب بالنسبة للقراء من أي سن أو مستوى ثقافي.
Unknown page