Adab Dunya Wa Din

al-Mawardi d. 450 AH
174

Adab Dunya Wa Din

أدب الدنيا والدين

Publisher

دار مكتبة الحياة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1407 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Sufism
فَوَصَلَهُ اكْتِفَاءٌ بِهَذَا التَّعْرِيضِ الَّذِي بَلَغَ مَا لَا يَبْلُغُهُ صَرِيحُ السُّؤَالِ. وَلِذَلِكَ قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: السَّخَاءُ حُسْنُ الْفَطِنَةِ وَاللُّؤْمُ سُوءُ التَّغَافُلِ. وَحُكِيَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ لَمَّا تَقَلَّدَ وَزَارَةَ الْمُعْتَضِدُ كَتَبَ إلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ: أَبَى دَهْرُنَا إسْعَافَنَا فِي نُفُوسِنَا ... وَأَسْعَفَنَا فِيمَنْ نُحِبُّ وَنُكْرِمُ فَقُلْت لَهُ: نُعْمَاك فِيهِمْ أَتِمَّهَا ... وَدَعْ أَمَرْنَا إنَّ الْمُهِمَّ مُقَدَّمُ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: مَا أَحْسَنَ مَا شَكَا أَمْرَهُ بَيْنَ أَضْعَافِ مَدْحِهِ، وَقَضَى حَاجَتَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَمَنْ لَا يَرَى مِنْ نَفْسِهِ مُذَكِّرًا لَهَا ... رَأَى طَلَبَ الْمُسْتَنْجِدِينَ ثَقِيلًا وَالسَّبَبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِيَدٍ أَوْ جَزَاءً عَلَى صَنِيعَةِ، فَيَرَى تَأْدِيَةَ الْحَقِّ عَلَيْهِ طَوْعًا إمَّا أَنَفَةً وَإِمَّا شُكْرًا لِيَكُونَ مِنْ أَسْرِ الِامْتِنَانِ طَلِيقًا، وَمِنْ رِقِّ الْإِحْسَانِ وَعُبُودِيَّتِهِ عَتِيقًا. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْإِحْسَانُ رِقٌّ، وَالْمُكَافَأَةُ عِتْقٌ. وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَيْسَتْ أَيَادِي النَّاسِ عِنْدِي غَنِيمَةً ... وَرُبَّ يَدٍ عِنْدِي أَشَدُّ مِنْ الْأَسْرِ وَالسَّبَبُ الْخَامِسُ: أَنْ يُؤْثِرَ الْإِذْعَانَ بِتَقْدِيمِهِ، وَالْإِقْرَارَ بِتَعْظِيمِهِ، تَوْطِيدًا لِرِئَاسَةٍ هُوَ لَهَا مُحِبٌّ، وَعَلَى طَلَبِهَا مُكِبٌّ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ: حُبُّ الرِّئَاسَةِ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ ... وَقَلَّمَا تَجِدُ الرَّاضِينَ بِالْقَسْمِ فَتُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ النُّفُوسِ لَهُ طَوْعًا إلَّا بِالِاسْتِعْطَافِ، وَإِذْعَانُهَا لَهُ إلَّا بِالرَّغْبَةِ وَالْإِسْعَافِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: بِالْإِحْسَانِ يَرْتَبِطُ الْإِنْسَانُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ بَذَلَ مَالَهُ أَدْرَكَ آمَالَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: أَتَرْجُو أَنْ تَسُودَ بِلَا عَنَاءٍ ... وَكَيْفَ يَسُودُ ذُو الدَّعَةِ الْبَخِيلُ وَالسَّبَبُ السَّادِسُ: أَنْ يَدْفَعَ بِهِ سَطْوَةَ أَعْدَائِهِ، وَيَسْتَكْفِيَ بِهِ نِفَارَ خُصَمَائِهِ، لِيَصِيرُوا لَهُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ أَعْوَانًا، وَبَعْدَ الْعَدَاوَةِ إخْوَانًا، إمَّا

1 / 189