وليست كل السنة البيانية صادرة عن اجتهاد. بل إن من المتفق عليه أن جزءًا كبيرًا منها موحىً به، فيدخل في قسم الوحي السابق الذكر. ومنها تبيين جبريل لمواقيت الصلاة.
الثاني: الاجتهاد القياسي، بقياس غير المنصوص على المنصوص، فيلحق الفروع بالأصول بناء على الاشتراك في العلل.
الثالث: الاجتهاد في الأمر الواقع بما يراه دون الرجوع إلى نص معين. وهي المسماة بمسألة التفويض.
ونحن نعود إلى هذه الأنواع، واحدًا واحدًا، فنبين مذاهب العلماء فيها، وأدلة المثبتين والنفاة (١).
النوع الأول: الاجتهاد البياني:
ولا يقال هنا أن تفسير النبي ﷺ للقرآن هو عمل بالقرآن، فكيف يكون زائدًا عنه حتى يقال إنه بالاجتهاد؟.
لأنه لما أمر الله تعالى بالسجود مثلًا، لم يبيّن أن الساجد يسجد على الأعضاء السبعة. فذلك ليس في القرآن، بل هو تفسير له، زائد عليه.
ومن هذا النوع رؤيته ﷺ تفاصيل كيفيات العمل في كثير ممّا أوحي إليه مجملًا، من الزكاة والصوم والحج وغير ذلك، وأسباب ذلك شروطه، مما لم يفصله الوحي الظاهر.
ومنه رؤيته انطباق العمومات الواردة في القرآن على أشياء معينة، فيحكم عليها بحكم العام الوارد في القرآن. ولعل من ذلك أنه ﷺ: "نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير" (٢). "وعن أكل لحوم الحمر