Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
ما كانا فيه: الجنة ونعيمها. والتعبير عن الجنة أو النعيم بقوله: (ما كانا فيه) أبلغ في الدلالة على فخامة الخيرات التي كانا يتقلبان فيها مما لو قيل: من النعيم، أو الجنة؛ فإن من أساليب البلاغة في الدلالة على عظم الشيء أن # يعبر عنه بلفظ مبهم؛ نحو: (ما كانا فيه)؛ لتذهب نفس السامع في تصور عظمته وكماله إلى أقصى ما يمكنها أن تذهب إليه.
ونسبة إخراجهما من الجنة إلى الشيطان، من قبيل نسبة الفعل إلى ما كان سببا فيه، وذلك أن أكلهما من الشجرة الذي ترتب عليه إخراجهما من الجنة، إنما وقع بوسوسة الشيطان لهما.
{وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو}:
الخطاب لآدم وحواء وإبليس. وقوله: {اهبطوا} من الهبوط، وهو النزول والانتقال من مكان إلى آخر. وقوله: {عدو} وصف من العداوة، وهي التناكر والتنافر بالقلوب. وعداوة الشيطان لآدم نشأت عن حسد وتكبر منذ أمر بالسجود له وأبى، وعداوة آدم وذريته للشيطان من جهة أنه يكيد لهم بالوسوسة والإغواء.
وفي قوله: {بعضكم لبعض عدو} تنبيه لعداوة الشيطان لآدم وذريته حتى يحذروا من أن تصغي قلوبهم لوسوسته حين يزين لهم بها أعمالا منكرة، أو يقبح لهم بها أعمالا صالحة.
{ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}:
المستقر: موضع الاستقرار، أو بمعنى الاستقرار، نحو: {إلى ربك يومئذ المستقر} [القيامة: 12] أي: الاستقرار. والمتاع: ما يتمتع به من المأكول والمشروب والملبوس ونحوه. والحين: الوقت، والمراد: وقت الموت، أو يوم القيامة.
Page 71