Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
والأمر في قوله تعالى: {أنبئوني بأسماء هؤلاء} لم يكن من قبيل الأوامر التي يقصد بها التكليف؛ أي: طلب الإتيان بالمأمور به، وإنما هو وارد على وجه التبكيت؛ أعني: إفحام المخاطب بالحجة.
وقوله تعالى: {صادقين} من الصدق بمعنى: الصواب، كما أن الكذب قد يطلق ويراد منه الخطأ. والمعنى: أخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم مصيبين فيما خطر على أنفسكم من أنكم أفضل أو أعلم ممن سأجعله خليفة في الأرض.
{قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا}:
هذه الجملة واقعة موقع الجواب عن سؤال يخطر في ذهن السامع للجملة السابقة؛ إذ الشأن أن يقال عند سماع قوله تعالى: {أنبئوني بأسماء هؤلاء}: ماذا كان من الملائكة؟ هل أنبؤوا بأسماء المسميات المعروضة عليهم؟ فقال تعالى: {قالوا سبحانك لا علم لنا} ... إلخ الآية
وسبحان: اسم مصدر بمعنى: التسبيح؛ أي: التنزيه، وهو منصوب بفعل مضمر لايكاد يستعمل معه.
ولو قال الملائكة: لا علم لنا بأسماء هذه المسميات، لكان جوابهم على قدر السؤال، ولكنهم قصدوا الاعتراف بالعجز عن معرفة أسماء تلك المسميات المعروضة على أبلغ وجه، فنفوا عن أنفسهم أن يعلموا شيئا غير ما يعلمهم الله.
ودخل في ضمن هذا النفي العام: الاعتراف بالقصور عن معرفة الأسماء المسؤول عنها.
Page 64