Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
وصف الذين ينكرون الأمثال في القرآن، ويستحقرونها، بالفسق، ونقض عهد الله، وقطع ما أمر الله بوصله، والفساد في الأرض، ووصل هذا ببيان عاقبة أمرهم، فقال:
{أولئك هم الخاسرون}:
{الخاسرون}: جمع خاسر، مأخوذ من الخسر والخسران، وهو النقص. ومن نقض عهد الله، وقطع ما أمر الله بوصله، وأفسد في الأرض، فقد نقص نفسه حظها من الفلاح والفوز، وكانت عاقبته الخزي في الدنيا، والعذاب في الأخرى.
{كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم }:
بعد أن عدد مساوئ أولئك الكافرين، وبين ما يصيرون إليه من الخسران في حياتهم العاجلة والآجلة، وجه إليهم الإنكار والتوبيخ على الوجه المعروف في علم البلاغة باسم: "الالتفات"؛ حيث نقل الحديث عنهم من طريق الغيبة إلى طريق الخطاب، فقال: {كيف تكفرون} ... إلخ.
قوله: {كيف تكفرون} استفهام لا يراد منه استعلام المخاطبين عن حال كفرهم، وإنما يراد منه معنى تكثر تأديته في صورة الاستفهام، وهو الإنكار والتوبيخ، كما تقول لشخص: كيف تؤذي أباك وقد رباك؟! لا تقصد إلا أن تنكر عليه أذيته لأبيه، وتوبخه عليها.
وقوله: {وكنتم أمواتا فأحياكم} جار مجرى التنبيه على أن كفرهم ناشئ عن جهل، وعدم تأمل في أدلة الإيمان القائمة نصب أعينهم.
Page 56