Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
وضرب المثل: إيراده. وعبر عن إيراده بالضرب؛ لشدة ما يحدث عنه من التأثير في نفس السامع، و (ما) في قوله: {مثلا ما}، هي ما الإبهامية # تجيء بعد النكرة، فتزيدها شيوعا وعموما؛ كقولك: أعطني كتابا ما، تريد أي كتاب كان.
والبعوضة: واحد البعوض، وهو طائر. وقوله: {فما فوقها} بمعنى: أكبر منها في الحجم؛ كالذباب والعنكبوت، والكلب والحمار.
بين في هذه الآية أنه يضرب الأمثال بالمحقرات من نحو البعوض فما فوقها، وأردف ذلك ببيان موقف الناس أمام هذه الأمثال، فذكر أنهم فريقان: مؤمنون، وكافرون، وأشار إلى وقعها في نفوس المؤمنين، فقال تعالى:
{فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم}:
أما: حرف تصدر به الجملة للتأكيد، تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت تأكيد ذلك، وإفادة أن ذهابه واقع لا محالة، قلت: أما زيد، فذاهب. والضمير في قوله: {أنه} يعود على المثل، أو على ضربه المفهوم من قوله: {أن يضرب مثلا}. والحق: خلاف الباطل: وهو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره. ووجه كون المثل أو ضربه حقا: أنه يوضح المبهم، ويفصل المجمل، فهو وسيلة إلى تقرير الحقائق وبيانها. وقال: {أنه الحق} معرفا بأل، ولم يقل: إنه حق؛ للمبالغة في حقيقة المثل، ومن المعروف في علم البيان أن الخبر قد يؤتى به معرفا بأل؛ للدلالة على أن المخبر عنه بالغ في الوصف الذي أخبر به عنه مرتبة الكمال.
وأشار إلى ما يتلقى به الكافرون هذه الأمثال عندما تتلى عليهم، فقال تعالى:
{وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا}:
Page 53