207

Mawsūʿat al-aʿmāl al-kāmila liʾl-Imām Muḥammad al-Khaḍr Ḥusayn

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Investigator

علي الرضا الحسيني

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1431 AH

Publisher Location

سوريا

Genres

قل يا محمد لهؤلاء اليهود: بئس الشيء الذي يدعوكم إليه إيمانكم قتلُ الأنبياء، والعصيانُ، وعبادةُ العجل، إن كنتم مصدقين كما زعمتم بالتوراة، والواقع أن التوراة لا تسيغ شيئًا مما أتيتم به، فما أنتم بمؤمنين.
﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
زعم اليهود أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودًا؛ كما حكى الله عنهم ذلك في قوله: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١] فأمر الله نبيه ﵊ بأن يرد عليهم هذا الزعم الباطل، فقال: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ ... إلخ﴾.
و﴿الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾: الجنة كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾ [القصص: ٨٣]. و﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ بمعنى: في حكم الله؛ كما تقول: زيد عندي أفضل من عمرو؛ أي: في حكمي. و﴿خَالِصَةً﴾: مختصة. والتمني يستعمل في المعنى القائم بالقلب، ويستعمل في اللفظ الدال على ذلك المعنى؛ كأن يقول الإنسان بلسانه: ليت لي كذا. وبهذا يفسر قوله تعالى: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾؛ لأن المعنى القائم بالقلب لا يطلع عليه أحد، ومحال أن يقع التحدي بما في الضمائر والقلوب. ومعنى الآية: قل يا محمد لليهود: إن كانت الجنة مختصة بكم، وليس لأحد سواكم فيها حق، فتمنوا الموت بألسنتكم.
﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾:
هذا من قبيل الإخبار بالغيب، وهو أن أولئك اليهود لا يتمنون الموت، ولو بألسنتهم. ودلَّت الآية على أن عدم تمنيهم الموت معلَّل بما قدمت أيديهم؛

1 / 173