193

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Genres

أم: بمعنى: بل، وهي تفيد انتقال من جملة إلى جملة، مع بقاء الجملة الأولى؛ أعني: قوله تعالى: {ألم تعلم} بحالها من إفادة التقرير، وتقدر بعد أم همزة الاستفهام للإنكار، والخطاب للمسلمين. وإخراج الكلام في صورة خطاب الجماعة يشعر بأن الخطاب في الآية السابقة: {ألم تعلم} موجه في # المعنى إلى جماعة المؤمنين. والمعنى: لا ينبغي لكم أن تقصدوا إلى سؤال رسولكم مسائل لا تلائم الإيمان الحق كما فعل قوم موسى إذ ألقوا عليه - بعد ظهور المعجزات، ووضوح الدلائل على رسالته - مسائل تدل على عدم رسوخ الإيمان في قلوبهم؛ كقولهم: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} [الأعراف: 138]، وقولهم: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} [البقرة: 55].

وفي آية: {أم تريدون} ومبالغة في الوصاية بالحذر من الوقوع فيما وقع فيه بنو إسرائيل من الاقتراحات التي لا تصدر عن قوم يوقنون؛ إذ جعل محط الإنكار إرادتهم للسؤال، وفي النهي عن إرادة الشيء نهي عن فعله بأبلغ عبارة.

وقوله: {من قبل} تأكيد لما فهم من الفعل الماضي {سئل}؛ فإنه يدل على أن سؤالهم كان في زمن مضى.

{ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل}:

تبديل الكفر بالإيمان: أخذه بدل الإيمان. و {سواء السبيل}: وسطه.

والسائر في وسط الطريق هو الذي يكون بمأمن من أن يتيه عن الغاية المنشودة.

ومفاد هذه الآية: أن من يقترح على الرسول ما يقترح بعد ظهور الآيات البينات، والدلائل الساطعات؛ مثلما كان بنو إسرائيل يقترحونه على موسى، فقد اختار الكفر على الإيمان، وخرج عن الصراط السوي الذي هو الدين القيم، ومن المعروف أن عقبى الكافرين النار.

* * *

Page 197