Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
{ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}:
وجه انتظام هذه الآية بما قبلها: أن نسخ الآية بخير منها من قبيل الفضل العظيم، فكأنها جاءت لتدل على أن الله لا يترك أولياءه المؤمنين من أن ينزل عليهم خيرا يود الكافرون أن لا ينزل عليهم.
والنسخ في اللغة: الإبطال والإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل؛ أي: أزالته.
وفي عرف الشرع: بيان انتهاء مدة الحكم بخطاب لولا هذا الخطاب، لاستمر الحكم على مشروعيته بمقتضى النص الذي تقرر به أولا. والآية: طائفة من القرآن.
{أو ننسها} - بضم النون وكسر السين - من أنسى الشيء؛ أي: جعله منسيا، فمعنى نسخ الآية في قوله: {ما ننسخ من آية}: رفع حكمها مع بقائها في نظم القرآن. ومعنى إنسائها في قوله: {ننسها}: رفع الآية من نظم القرآن جملة.
وسمي رفع الآية من النظم جملة إنساء؛ لأن شأن ما لا يبقى في النظم أن ينساه الناس؛ لقلة جريانه على الألسنة بالتلاوة والاحتجاج به.
ويصح إبقاء الإنساء على حقيقته، وهي إذهاب الآية من القلوب، وإزالتها من الحافظة بعد أن يقضي الله بنسخها. ذلك أن إنساء الناس آية لم تنسخ إضاعة لشيء من القرآن، والله تعالى يقول: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
Page 193