Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
والمؤمنون عرفوه، واستفادوا من الاطلاع عليه، فتجنبوه. واختصت بابل بالإنزال؛ لأنها كانت كثر البلاد عملا بالسحر. ومما يروى في أصل # سحر بابل: أنه كان مبنيا على تعظيم الكواكب، وتسميتها آلهة، والاعتراف بأنها تقدر على ضر الشخص ونفعه، وكانت للسحر وقتئذ رقى تشتمل على شرك بالله، يتقربون بها إلى الكواكب، ويموهون بها على العامة.
{وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}:
الضمير في قوله: {يعلمان} عائد إلى هاروت وماروت. والفتنة: المحنة والاختبار لتمييز المطيع من العاصي. ومعنى (لا تكفر): لا تعمل بما تتعلمه من السحر الذي هو من قبيل الكفر، وتعتقد صحته. ومعنى الآية: أن الملكين لا يعلمان أحدا من الناس السحر حتى يبذلا له النصيحة، ويقولا: إن هذا الذي نصفه لك إنما الغرض منه تمييز السحر من المعجزة، فحذار أن تستعمله فيما نهيت عنه، فتكون من الكافرين.
والحكمة من تعليم الملكين الناس السحر: أن السحرة كثروا في ذلك العهد، واخترعوا فنونا غريبة من السحر، وربما زعموا أنهم أنبياء، فبعث الله تعالى الملكين؛ ليعلما الناس وجوه السحر حتى يتمكنوا من الفرق بينه وبين المعجزة، ويعرفوا أن الذين يدعون النبوة كذبا إنما هم سحرة لا أنبياء.
{فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه}:
الضمير في قوله: (يتعلمون) عائد على {أحد}، وعاد عليه ضمير الجمع (واو جماعة)، وهو في اللفظ مفرد؛ لأنه وارد في سياق النفي، ومن المعروف أن الاسم النكرة إذا ورد بعد النفي كان في معنى أفراد كثيرة، فيصح أن يعبر عنه بضمير الجمع.
Page 187