164

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Genres

ومعنى (ما أنزل علينا): التوراة، وما جاء مقررا لأحكامها على لسان موسى ومن جاء بعده من أنبيائهم. ومعنى إنزالها عليهم: تكليفهم بما اشتملت عليه من أحكام وآداب. ومعنى الآية: أن هؤلاء اليهود إذا عرض عليهم الإيمان بالقرآن، أجابوا بأنهم يؤمنون بالتوراة، وأرادوا أن إيمانهم بها يغنيهم عن الإيمان بما سواها. ووجه ذمهم على هذا الجواب: أنهم مأمورون بأن يؤمنوا بكل كتاب أنزله الله، فأجابوا بأنهم آمنوا ببعض ما أنزل الله، وهو ما أنزل عليهم، فلم يكن إيمانهم مطابقا لما أمر به الله، ومن كفر ببعض ما يجب الإيمان به، ولو آمن ببعضه، كان معدودا في صميم الكافرين لا محالة.

{ويكفرون بما وراءه}:

هذه جملة استؤنف بها الإخبار بصريح القول عن كفرهم بالقرآن، و (وراء) بمعنى: سوى، أو بعد، والضمير في قوله: {وراءه} عائد على: (ما أنزل علينا) المكنى به عن التوراة. والمراد بما سوى التوراة أو بعدها: القرآن الكريم.

{وهو الحق مصدقا لما معهم}:

الضمير (هو) عائد على القرآن المكنى عنه بقوله: (ما وراءه). والحق: المطابق للواقع. ويوصف به القرآن، أو الدين؛ لاشتماله على الأحكام المطابقة للواقع. {مصدقا}: مؤيدا، و (ما معهم)؛ أي: ما مع اليهود، وهي التوراة. ومعنى كون القرآن مؤيدا للتوراة: أنه يدل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا كان مؤيدا للتوراة فيما اشتملت عليه من البشارة برسول ذكرت له نعوتا لا تنطبق إلا على محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمدعي الإيمان بالتوراة يجب أن يؤمن بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإلا، كان كاذبا في ادعائه الايمان بالتوراة.

Page 168