278

Aclam Fikr Islami

أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث

Genres

وفي سنة 1273ه توجه إلى زيارة بيت المقدس، وقرأ خلال شهر رمضان في دار الحديث هناك البخاري، كما قرأ الإتقان والإبريز في مدينة الجقمقية.

وفي شهر رمضان سنة 1275ه اعتكف بالجامع الأموي، وقرأ الشفاء والصحيحين في مشهد الإمام الحسين رضي الله عنه، وفي سنة 1277ه زار حمص وحماة، ومنح من الدولة العلية النيشان المجيدي من الرتبة الأولى، ونياشين كثيرة من دول مختلفة، تقديرا لما أبداه من المساعدة للمسيحيين في الفتنة التي حدثت في تلك السنة.

وفي سنة 1280ه توجه إلى مكة المكرمة وأقام بها وبالطائف وبالمدينة المنورة سنة وستة أشهر، وأخذ بمكة الطريقة الشاذلية عن الشيخ محمد الفاسي.

وفي سنة 1282ه قصد الآستانة وقابل السلطان عبد العزيز فأكرم نزله ومنحه النيشان العثماني من الرتبة الأولى، ثم توجه منها إلى باريس فزاد له الإمبراطور نابليون الثالث 2500 ليرة فرنسية على مرتبه السنوي السابق.

وفي سنة 1286ه دعي إلى مصر لحضور احتفال خليج السويس ، وقرأ «الفتوحات المكية» مرتين سنة 1289ه بعد أن أرسل عالمين لتصحيحها على النسخة الموجودة بخط مؤلفها الشيخ الأكبر في «قونية»، وأخذ الطريقة العلية المولوية على الدرويش صبري شيخ طريقة المولوية بالديار الدمشقية.

وكان مالكي المذهب، محافظا على السنن، عاكفا على شهود الجماعة، كثير الصدقات، وجعل مرتبا في كل شهر للعلماء الصلحاء والفقراء، عاملا بتقوى الله في السر والجهر.

وتغلغل في آخر عمره في علوم القوم، وأظهر من دقائق الحقائق وعوارف المعارف ما يؤذن بسمو مقامه وعلو قدره، وكان يصوم شهر رمضان على الكعك والزبيب، معتزلا عن القريب والغريب، وله خلوة يتحنث بها في قصره بقرية أشرفية صحنايا، وكان خلال مرض وفاته مشتغلا بالمراقبة والمشاهدة، حتى إنه ما أن ولا تأوه برغم اشتداد آلام الكلى والمثانة طيلة 25 يوما، إلى أن انتقل إلى رحمة ربه الكريم في منتصف ليلة السبت 19 من رجب سنة 1300ه في قصره بقرية دمر بدمشق.

وصلى عليه بالجامع الأموي خلق كثير، واجتمع في جنازته أمم من جميع الملل، ودفن ظهر يوم السبت إلى جوار الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين ابن العربي الحاتمي في حجرته.

وقد توفي عن زوجته ابنة عمه وعشرة أولاد ذكور وست بنات، وثلاث جوار جركسيات وجارية حبشية، وكان رضي الله عنه معتدل القامة، عظيم الهامة، ممتلئ الجسم، وجهه أبيض مشرب بحمرة، وشعر رأسه أسود إذ كان يخضب بالسواد، أقنى الأنف، أشهل العينين.

وله من المؤلفات تعليقات على حاشية جده السيد عبد القادر بن خدة في علم الكلام، وتنبيه الغافل وذكرى العاقل، والمقراض الحاد لقطع لسان الطاعن في دين الإسلام من أهل الباطل والإلحاد، والمواقف في علم التصوف، وله من الشعر الرائق والنثر الفائق ما يطرب الأسماع، ويستهوي الألباب والطباع، كما كان يجيد اللعب بالشطرنج، ويحسن الخياطة ولا سيما خياطة الشبكة، وبالجملة كان إماما جليلا، عالما عاملا، نبيها نبيلا، زاهدا ورعا، مهيبا شجاعا، كريما حليما أوابا، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه، آمين.

Unknown page