يحفظ ويدون أحاديث شيوخ بلده (^١) والقرى المجاورة لها، والقادمين إليها، ويعد من القلائل الذين رحلوا في طلب الحديث في مثل سنه، وبرحلته إلى المدن والمراكز القريبة والبعيدة عن بلده ابتدأ طورًا جديدًا في حياته العلمية (^٢) إذ فيها يلتقي بمن كانت تشد الرحال إليهم لغزارة علمهم، وكثرة حفظهم.
سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم- الفضل بن دكين-؟ قال: "في سنة أربع عشرة ومائتين ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين" (^٣)، وأخذ التفسير عن الأئمة الكبار المعنيين به والثقات في روايته (^٤) وكذلك علم القراءات أتقنه من عيسى بن ميناء، المعروف بقالون المقرئ، وحفص الدوري، وخلف البزار، وغيرهم (^٥) وكان يقول: "أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات، وعشرة آلاف حديث مزورة، قيل له: ما بال المزورة تحفظ؟ قال: إذا مرّ بي منها حديث عرفته" (^٦)، وأخذ ولعه وحبه لطلب الحديث يزداد كلما ازداد حفظه له، وكان ﵀ يكثر من ملازمة الأئمة الأفذاذ ويستزيد منهم كتابة الحديث كأحمد بن حنبل (^٧)، وابن أبي شيبة وغيرهم.
روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث، كتبت عن إبراهيم الفراء مائة ألف حديث، وعن ابن أبي شيبة عبد الله