وبعد ذلك بثلاثة أيام نزل إليه الربان وهو سجين في عنبر السفينة، فحل قيوده وهو منذهل أشد الانذهال، وقال له: اتبعني، وقد صعد به إلى غرفته، وقال له: هل تعرف القراءة يا بني؟
قال: نعم.
قال: خذ هذه الجريدة واقرأ. فأخذها وقرأ ما يأتي:
إن الفتى البهلوان الذي قتل خليلته بعد أن طعنها بخنجره إحدى عشرة طعنة، قد قبض عليه في هذا الصباح في إحدى خمارات الضواحي، واعترف بجريمته.
فأبرقت أسرة فيلكس، وقال له: أرأيت الآن أني بريء؟
قال: هو ذاك، ولكن ذلك لا يوضح لي كيف أمكن وجودك في سفينتي ضمن صندوق.
فنظر إليه نظرة تدل على التناهي في الصدق والإخلاص، وقال له: إني لم أكذب في حياتي يا سيدي.
قال: هذا ممكن، فإن نظراتك تدل على صدق ما تقول، فما اسمك؟ أجاب: «أبو النحوس» أو «المنحوس» أو «السيئ الحظ»، أو ما يبدو لك أن تطلقه علي من هذه الأسماء.
قال: إنه لقب في غير موضعه، فلو كنت حقيقة كما يلقبونك لوجب أن تكون الآن طعاما للأسماك. فهز رأسه وقال: ولكني لقيت من مناوأة الأقدار ما يدل على أن هذا اللقب قد حل محله.
قال: ارو لي حكايتك يا بني، عساي أستطيع نفعك في شيء، فشرح له قصته منذ مولده إلى تلك الساعة، حتى إذا أتمها قال الربان: إذن يظهر أنك ابن كونتيس، أجاب: لم يبق عندي الآن ريب في ذلك.
Unknown page