فنزع البارون القبعة عن رأس «السيئ البخت»، وأدنى المصباح من رأسه، وقال للرجل: تعال وانظر!
فذهل الرجل وقال: الخصلة البيضاء ...! إذن إنه هو!
قال: نعم، إنه هو، فإن ذلك الكاهن الذي كتب إلى امرأة عمي كتب إلي أيضا، ولولا ذلك لعبثوا بي كما يعبثون بالأطفال، وإن هذه الفتاة التي جاءت إلي أرادت أن تمثل دورا هاما في هذه الحادثة، فإنها ذهبت إلى امرأة عمي في فرساي، ولكن الغيرة دفعت هذا الغلام إلى المجيء إلي لمخاصمتي، فسكنت جأشه، وانتهيت بأن سقيته المخدر، وجئت به إلى هنا بحجة أنه سيجد باكيتا، أفهمت الآن ما أريد؟ - كلا، لم أفهم بعد. - إني أحب الصراحة، وسأبسط لك اقتراحي، فأنت مدين لي بعشرين ألف فرنك، وإنك مسافر إلى أمريكا لتشتغل فيها، ونعم إني قاضيتك، وحكمت عليك، وبت قادرا على تنفيذ الحكم حين أشاء ولكن تراني لم أستصدر الحكم بغية تنفيذه، فهل تريد أن أعطيك وصولا بالدين؟
قال: ذلك متعلق بما تريده مني.
فضحك البارون وقال: أظنك تحسب أني أقترح عليك ارتكاب جريمة، فإذا كان ذلك؛ فإنك مخطئ لأني شريف، وفوق ذلك فلا يجمل بالبارون دي نيفل أن يذكر اسمه في محاكم الجنايات، ولكن هذا الغلام سيحرمني إرثا عظيما، فرأيت أن أقصيه عن طريقي. - وأنت تعتمد علي في ذلك؟
أجاب: دون شك ، فإنك مسافر غدا.
قال: هو ذاك. - وستذهب إلى الهافر، وتركب الباخرة منها في ساعة وصولك، فلا يستفيق الغلام إلا بعد أن تكون الباخرة قد اجتازت ثلاثين عقدة، فلا تعود إلى البر لإرجاع الغلام. - إذن أنت تريد أن أصحبه معي؟
أجاب: نعم، فإني أرى عندك هذا الصندوق الطويل وهو يفي المراد، فنضع الغلام فيه، وتشحنه في قطار سكة الحديد كصناديق البضاعة.
قال: وبعد ذلك؟ - وبعد ذلك، لا يهمك أمره، فإنه سيصحو من تخديره، ويجد نفسه في الصندوق، فيصيح مستنجدا، ويبادرون لنجدته فيخرجونه.
قال: ولكنه سيعرفني، فإنه رآني.
Unknown page