قال: كيف ذلك؟
وقد حاول أن يروي ما رأى وما اتفق له، ولكن باكيتا همست في أذنه قائلة: لا يجب أن نخبر بأمرنا قوما قد لا نراهم غير هذه الليلة؛ لأننا مسافرون في الغد إلى موسكو.
الفصل السابع والعشرون
مما يزيد في جمال سويسرا، ويجعلها من أبدع بلاد المعمور، تلك البحيرة العظيمة التي طالما هاجت قرائح الشعراء، والتي يعدها أهل سويسرا أرض الموعد وجنة عدن.
وكانت باخرة فاخرة تسير في تلك البحيرة، وقد ظهرت على يمينها جبال «أريت» التي كانت تشبه - بالثلوج المتراكمة على قممها - رأس شيخ معمم بالبياض، وإلى يسارها القصور الفخمة والرياض الغناء، وقد صفا لون السماء، كأنها امتزجت بمياه البحيرة الساكنة الزرقاء.
وكان جميع المسافرين والمتنزهين واقفين على ظهر تلك السفينة يمتعون أنظارهم بجمال الطبيعة، ويتحدثون فرحين بما كان يتجلى لهم من هذه المناظر البديعة التي تسحر العقول، وبينهم ثلاثة رجال هم فيلكس وصاحباه، قد أحدقوا بامرأة حسناء هي باكيتا.
وكانت علائم السرور بادية على جميع الوجوه ما خلا شارنسون، فقد كان منقبض الصدر كئيب السحنة؛ لأنه كان علل النفس بالثروة، فإذا بهذا الرجاء حلم استفاق منه، فوجده أضغاث أحلام، وألفى نفسه أكثر إفلاسا مما كان عندما حاول الربح من وراء المائدة الخضراء.
أما فيلكس فقد كان يستنشق نسيم الصباح بملء رئتيه، ويبتسم لامرأته، ويضغط على يد صديقه الأمير الروسي الكريم، كأنه يشير بهذا الضغط إلى أنه بات من أسعد الناس.
وقد سمع البرنس من يقول لباكيتا: أظن أنه شفي.
فابتسم فيلكس وقال: نعم، لقد شفيت لأني أردت، ومن أراد فقد قدر.
Unknown page