وقال البرنس: ولا أنا.
فقال فيلكس: كيف ذلك ألم تريا ذلك الرجل الطويل القامة المرتدي بملابس سوداء؟
فنظر كل من البرنس وباكيتا إلى صاحبه نظرات حزن أليمة تدل على اعتقادهما بأنه مجنون.
وأدرك فيلكس سر هذه النظرات، فابتسم وقال لهم: كلا، لست بمجنون كما تتوهمان، فقد رأيته عشر مرات في حياتي، ولا شك أنه من الجن، أو أنه ذلك الذي يدعونه «قرينة»، ولكل إنسان قرينة - كما تعلمون - تظهر لأصحابها بأشكال مختلفة، وبعضها لا تظهر لصاحبها، ولكنها تناجيه في الخفاء، وإني أعجب كيف أنكما لم تريا الرجل وكلبه!
فقالت باكيتا: إني لم أر شيئا من هذا، ولكني أعتقد «بالقرينة»، وأذكر أن الكهنة يصلون صلاة خاصة لطردها، ألم تعد تخاف منها؟
أجاب: كلا، فقد غلبتها، فطوقت عنقه بذراعيها، فتركهما البرنس، ودخل الفندق ليهتم بإيجاد الغرف الصالحة له ولهما.
وفي المساء جلسوا إلى المائدة العمومية، وجعلوا يصغون إلى الحديث العام، فسمعوا السائحين يتحدثون بحكاية البارون، وكيف أن صاحب الكلب الأسود طرده بنظرة، وقد عرف فيلكس من كلامهم أنهم يعنون به صاحب الكلب، فكان بعضهم يعجبون كيف أنه برح الفندق، وبعضهم يقولون: إنه وفى بعهده وسافر كما وعد.
ولكن فيلكس لم يقف بانذهاله عند هذا الحد، فإنه رأى حين انتهاء العشاء رجلا دخل قاعة الطعام، وكان هذا الرجل صديقه شارنسون، وقد صاح الثلاثة صيحة دهش، فإن هيئة شارنسون كانت تحمل على الشفقة، حتى لم يجسر أحد منهم على الابتسام لقدومه، وبعد أن استقر به المقام سأله البرنس قائلا: كيف أنت والطريقة التي وجدتها؟ - على أسوأ حال. - ألم تتمكن من تفليس البنك؟ - بل هو الذي فاز بتفليسي، فإنكم بعد أن سافرتم خسرت كل ما ربحته، وكل ما كان معي . - وكيف أتيت؟ - جاد علي أصحاب البنك بنفقات السفر. فابتسم البرنس وقال: لقد كنت أتوقع لك ذلك، فإنه منذ إنشاء نوادي القمار التي كان يجب على الحكومات محاربتها وإغلاقها، ومعاقبة أصحابها وحسبانهم من أخطر المجرمين، والناس يفكرون في إيجاد الطرق للكسب، فكانوا يلقون ما لقيت من الخسر. - أما أنا فلم أكن أتوقع هذا الفشل.
قال: مسكين يا شارنسون.
أجاب: بل إني لم أكن أتوقع أن أرى الشقاء ممثلا في «بادن» كما رأيته.
Unknown page