104

Abu Nuwas

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Genres

وهذا الشيطان كما صوره جيتي والشعراء من قبله، يصنع إكسير الحياة ليطيل به العمر، ويرد به الشباب إلى الشيوخ ويساوم به على الضمائر والأرواح، فمن باعه الحياة الأبدية أخذ بديلا منها المتعة والقوة والسيطرة بالمعرفة في حياته الأرضية.

وعند النفسيين أن هذا الشيطان متمرد متكبر كذلك الشيطان، ولكنه يتمرد بعقله من حيث يتمرد ذلك الشيطان بنفسه، وسلاحه المعرفة من حيث يتسلح زميله القديم بالشجاعة الحربية.

ولم يبتدع النفسيون المحدثون هذه الفكرة بعلمهم الحديث، إذ الواقع أن الأقدمين من أهل الثقافة اليونانية أو العبرية كانوا يحسبون المعرفة كلها ضربا من التمرد والتطاول على علم الإله العليم، فاليونان الأقدمون كانوا يسمون هذا الفضول الإنساني بالهوبري

Hubris

والعبرانيون الأقدمون كانوا يسمون الشجرة، التي أكل منها آدم بشجرة المعرفة، ولا يحمدون من الإنسان أن يتطاول إلى علم كعلم الإله.

فالتمرد خلة مشتركة بين شيطان ملتون وكردوتشي وشيطان جيتي، وقد فضل جيتي شيطان المعرفة؛ لأنه كان في عصر النهضة العلمية ببلاده، وفضل الشاعر الإنجليزي والشاعر الإيطالي شيطان الغضب والتحدي؛ لأنهما كانا يغضبان ويتحديان، ويمثلان ثورة الأمتين على سلطان الملوك وسلطان الكهان.

وتزاد على هاتين «الشخصيتين» الشيطانيتين صورة أخرى من قريحة شاعر شرقي، يتخيلها في بعض أحلامه ويرينا فيها الشيطان فاتنا وسيما يكذب بملاحته أقاويل أبناء آدم عن دمامته وقبحه؛ لأنهم مطرودون موتورون!

ذلك الشاعر الشرقي هو (السعدي) صاحب البستان والجلستان، وأكثرهما مترجم إلى اللغة العربية.

فمن قصائده تلك القصيدة التي يتحدث فيها عن حلم رآه كما زعم أو كما تخيل، فيقول:

رأيت الشيطان في حلم، فيا عجبا لما رأيت.

Unknown page