Abu Hurayra
أبو هريرة راوية الإسلام
Publisher
مكتبة وهبة
Edition Number
الثالثة، 1402 هـ - 1982
مرح أبي هريرة ومزاحه:
لم يكن أبو هريرة جافا قاسي القلب، خشن الطباع، سيء المعشر، بل كان طيب النفس، حسن الخلق، صافي السريرة، وربما كان الفقر والصبر عليها هما اللذان جعلا منه الإنسان المرح، يسري عن نفسه بمزاحه أحيانا همومها ومصابها، ومع هذا فقد كان يعطي لكل شيء حقه، لا يخاف في الله لومة لائم، سواء أكان أميرا أم فردا من الرعية فقيرا، فقد نظر إلى الدنيا بعين الراحل عنها، فلم تدفعه الإمارة إلى الكبرياء، بل أظهرت تواضعه وحسن خلقه.
وربما استخلفه مروان على المدينة، فيركب حمارا، قد شد عليه برذعة، وفي رأسه خلبة من ليف، يسير فيلقى الرجل، فيقول: «الطريق .. قد جاء الأمير» (1).
ويمر أبو هريرة في السوق، يحمل الحطب على ظهره - وهو يومئذ أمير لمروان - فيقول لثعلبة بن أبي مالك: «أوسع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك، فيقول: يرحمك الله .. يكفي هذا!! فيقول أبو هريرة: أوسع الطريق للأمير والحزمة عليه!!» (2).
نعم الأمير أنت يا أبا هريرة، وليخلد الإسلام الذي سوى بين أميره وفقيره، حتى أن أحد أفراد الرعية، ينازع الأمير طريقه، ويلزمه بما يكفيه ليمر والحطب على ظهره، فهل بعد هذا عدالة وتواضع؟ وهل وراء ذلك صفاء سريرة وطيب نفس!!؟
وكأني أرى أبا هريرة - وقد فهم نفسية الأطفال، وعرف أن من
Page 95