91

Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya

أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه

Genres

وأما أمر عدم إقامة الحد في المسجد، فقد رجع فيه أبو حنيفة إلى قول الرسول

صلى الله عليه وسلم : «لا تقام الحدود في المساجد.» ولأن تلويث المسجد حرام، وإليه أشار الرسول في قوله: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم.» وقد يؤدي إقامة الحد في المسجد إلى تلويثه، وعلى القاضي إذا أراد أن يقام الحد بين يديه أن يخرج من المسجد، وإلا بعث أمينا ليقام الحد بحضرته خارج المسجد أيضا، وبهذا وذاك ورد الأثر عن الرسول عليه الصلاة والسلام.

2

وقد وقع الخلاف فعلا في هذه المسألة بناحيتيها أيام أبي حنيفة؛ فقد روي أن امرأة معتوهة كانت بالكوفة فآذاها رجل، فقالت له يا ابن الزانيين فأتي بها إلى القاضي ابن أبي ليلى فاعترفت بما كان منها من القذف، فأقام عليها حدين في المسجد، فذكر ذلك لأبي حنيفة فقال: أخطأ في سبعة مواضع؛ بنى الحكم على إقرار المعتوهة، وإقرارها هدر. وألزمها الحد، والمعتوهة ليست من أهل العقوبة. وأقام عليها حدين، ومن قذف جماعة لا يقام عليه إلا حد واحد. وأقام حدين معا، ومن اجتمع عليه حدان لا يوالى بينهما، ولكن يضرب أحدهما، ثم يترك حتى يبرأ ثم يقام الآخر. وأقام الحد في المسجد، وليس للإمام أن يقيم الحد في المسجد. وضربها قائمة، وإنما تضرب المرأة قاعدة. وضربها لا بحضرة وليها، وإنما يقام الحد على المرأة بحضرة وليها، حتى إذا انكشف شيء من بدنها في اضطرابها ستر الولي ذلك عليها.

في الشهادة

ويذكر الإمام أبو يوسف أن الرجل إذا شهد لامرأته فإن أبا حنيفة كان يقول: لا تجوز شهادته لها، وكذلك بلغنا عن شريح، وبهذا نأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: شهادته لها جائزة.

3

وفي هذه المسألة يبين بوضوح رعاية كثير من الفقهاء لعامل الزمن وأثره في تطور الفقه وأحكامه، وذلك، بأن الله تعالى يقول في سورة البقرة:

واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء

ويقول في سورة الطلاق:

Unknown page