Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya

Muhammad Yusuf Musa d. 1383 AH
78

Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya

أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه

Genres

24

ولكن الأحناف يرون أن هذا يجوز في الوصية؛ لأن العين تبقى بعد وفاة المالك مشغولة بما يكون عليه من ديون والتزامات، ومنها الوصية. والأمر في هذا كالإجارة والعارية، فهما عقدان لتمليك المنفعة التي لم تكن موجودة وقت العقد؛ لأنها تحدث آنا فآنا، فكما جاز هذان العقدان تجوز الوصية بالمنفعة أو الغلة بعد الموت. (3) ويذكر أبو يوسف أيضا أن أبا حنيفة يجيز للوصي أن يتجر بمال الأيتام الذين تحت وصايته، أو يدفعها مضاربة لمن يرى فيه الخير. وأن ابن أبي ليلى يرى أن ذلك لا يجوز عليهم، والوصي ضامن لذلك. وقد أخرج هذا الرأي عن أبي حنيفة محمد بن الحسن في كتاب الآثار، ثم قال: وبه نأخذ.

25

ويذكر السرخسي في المبسوط.

26

أن ابن أبي ليلى ذهب إلى ما رأى؛ لأن الموصي (أبو الأولاد اليتامى) جعل الوصي قائما مقامه في التصرف في أموالهم حفظا لها، وذلك يحصل إذا كان هو الذي يتصرف فيها، وإذا ليس له دفعها لغيره ليتصرف فيها.

ثم يقول: ولكننا نذهب إلى ما رأينا؛ لأن الوصي قائم مقام الموصي في ولايته في مال الولد، وقد كان للموصي أن يفعل هذا كله في ماله، فكذلك الوصي. وهذا لأن المأمور به هو ما يكون أصلح لليتيم وأحسن، فالله تعالى يقول:

ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ، وقد يكون الأحسن في تفويض التصرف إلى غيره، إما لعجزه عن مباشرة ذلك بنفسه، وإما لقلة هدايته في التجارة ونحوها. (4) وفي التصرف الوصي أيضا يذكر أبو يوسف أن الوصي يجوز أن يبيع عقارا مما تركه المتوفى الذي لا دين عليه، وفي ورثته صغار وكبار، ويكون بيعه عند أبي حنيفة نافذا على الصغار والكبار جميعا، وهذا استحسان منه؛ لأنه كما يذكر صاحب المبسوط لما ثبتت له الولاية في بيع البعض الذي يخص الصغار تثبت في الكل؛ لأن الولاية بسبب الوصاية لا تحتمل التجزؤ، ولأن في بيع البعض إضرارا بالصغير والكبير معا؛ إذ الثمن يكون أعلى في هذه الحالة، بخلاف حالة التجزئة وبيع البعض. ومع هذا، فللوصي ولاية في مال الكبار فيما فيه منفعة لهم، ألا ترى أنه يملك الحفظ وبيع المنقولات حال غيبة الكبير لما فيه من المنفعة له؟ لكن ابن أبي ليلى يرى أن بيع الوصي العقار في هذه الحالة يجوز على الصغار والكبار إذا كان ذلك مما لا بد منه. ويرى أبو يوسف ومحمد أن بيعه على الصغار جائز في كل شيء، ولو لم يكن منه بد، ولا يجوز على الكبار إلا إذا كان الموصي أوصى ببيعه، أو كان عليه دين يباع العقار فيه.

27 (5 و6) وهاتان مسألتان تقدمتا عند الكلام على نزعة التيسير، وهما: جواز تصرفات الفضولي، وجواز بيع الوكيل بالثمن القليل والكثير، خلافا لكثير من الفقهاء، وهما مسألتان تظهر فيهما نزعة تصحيح تصرفات الإنسان بقدر الإمكان أيضا. (7) وهذه مسألة أخرى تظهر فيها أيضا هاتان النزعتان، وهي مسألة إجازة أبي حنيفة وأصحابه عقد الزواج بلفظ تزويج ونكاح وغيرهما مما يشتق من هاتين المادتين، وبكل لفظ آخر وضع لتمليك العين في الحال كلفظ الهبة والعطية والبيع والشراء، بشرط نية وقرينة تعين أن المراد هو الزواج؛ وبشرط فهم الشروط المقصودة.

28 (8) وأخيرا في هذه الناحية يرى أبو حنيفة أن الرجل إذا اشترى متاعا، ثم أفلس وأصبح عاجزا عن دفع الثمن لا ينفسخ العقد، بل يصبر البائع أسوة الغرماء لآخرين فيه، على حين يرى الشافعي أن العقد يفسخ، ويأخذ البائع المتاع الذي باعه؛ لأنه أحق به. وأبو حنيفة يرجع إلى قول الرسول

Unknown page