Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya

Muhammad Yusuf Musa d. 1383 AH
75

Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya

أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه

Genres

صلى الله عليه وسلم : «من سرق فاقطعوه، فإن عاد فاقطعوه، وإن عاد فاقطعوه، فإن عاد فاقتلوه.» ويجيبون عن ذلك بأن الأمر في الآية لا يقتضي التكرار، وبأن الحديث طعن فيه الطحاوي وغيره من رجال الحديث ونقلته، وبأنه على تقدير صحته يكون محمولا على العقوبة من باب السياسة؛ لأن القتل غير مشروع في السرقة.

وأما استدلال أبي حنيفة لمذهبه، فهو بما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه في مثل ذلك، وفيه يقول: «إني لأستحي من الله ألا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها، ولا رجلا يمشي عليها.» وبذلك حاج بقية الصحابة فدرأ عنه الحد؛ كي لا تنقلب العقوبة إهلاكا بذهاب أطرافه التي يبطش بها ويمشي عليها.

19 (6)

من المتفق عليه بين الفقهاء جميعا أن المرء إذا ملك أباه أو أمه أو ابنه أو بنته يعتق عليه بمجرد ملكه إياه، رعاية لحق الولادة بينهما، فهل الأمر كذلك إذا ملك أخاه أو أي ذي رحم محرم منه؟

يرى الإمام الشافعي أن الأمر مختلف، وأن الأخ الرقيق ونحوه إذا ملكه أخوه أو قريبه لا يعتق عليه بمجرد دخوله في ملكه؛ وذلك لقوله تعالى:

لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ، وهذا الأخ من كسبه فيكون ملكا له.

على حين يرى أبو حنيفة أن في استرقاق الأخ ونحوه لأخيه أو قريبه قطعا للرحم الجامعة بينهما، هذه الرحم التي يجب وصلها لا قطعها. ثم قد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال يا رسول الله: وجدت أخي يباع في السوق فاشتريته لأعتقه، فقال

صلى الله عليه وسلم : «قد أعتقه الله عليك.» وقد روي هذا عن عمر وابن مسعود وغيرهما، وهو قول الحسن البصري، والشعبي وغيرهما أيضا.

أما الآية التي يستند إليها الشافعي، فمعناها أن للنفس جزاء ما كسبت من أعمال الخير، وعليها ما اكتسبت من سيئ الأعمال، فهي واردة في الأعمال التكليفية بدليل صدرها، وهي هكذا بتمامها:

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت

Unknown page