69

فعاد الطالب يسأل: أوليس الأمر بين ذلك الكاتب وزملائه على سنة الشورى والمساواة؟

فامتعض الشيخ وأدرك الطالب بالجواب قبل أن يسترسل في السؤال: مه يا بني مه! أي شورى وأية مساواة؟ لقد سمعنا بعضهم يلوم من يخاطب ذلك الكاتب بكاف الخطاب كما يخاطب سائر الناس! أعندك يا صاحبي قصيدة شاعر القازاق الذي أنشده مديحه ونحن هناك؟ قال الشيخ هذا والتفت إلى التلميذ الرسول. فوقف التلميذ الرسول مائلا على المنصة وقال: نعم يا مولاي! ... ثم مضى ينشد قصيدا يقول فيه ناظمه:

هل أشبهك بالأنبياء؟ كلا فبعض الأنبياء يكذبون.

هل أشبهك بالبحر المحيط؟ كلا! ففي البحر المحيط صخور يتصدع عليها السفين.

هل أشبهك بالجبال؟ كلا! فما من جبل إلا وقمته في مرأى العيون.

هل أشبهك بالقمر؟ كلا! فالقمر لا يضيء إلا في لياليه.

هل أشبهك بالشمس؟ كلا! فالشمس إنما تشرق في يوم صحو لا غمام فيه ...

وفرغ التلميذ الرسول من إنشاده فعاد المعري يقول لطالب العلم الذي سأله ذلك السؤال: أوسمعتم أعجب من هذا الدهان في مديح عاهل أو سلطان؟ ما أخالكم سمعتموه، وما أخالكم تذكرون في الملوك ملكا واحدا كان له من الأمر النافذ في الرقاب والأذهان، ما يأمر به كاتب الشيوعيين فيطاع.

وسأل سائل: أولم ينصفوا الأجراء من أصحاب الثراء؟

قال المعري: لا يا بني. إنهم ظلموا أصحاب الثراء ولم ينصفوا الأجراء، ولقد أخذوا المال من ذويه ثم أفرغوه في مصانع الدولة، وما الفرق بين مال في أيدي التجار ومال في أيدي الولاة؟

Unknown page