124

وعاود الشيخ وجومه على أشد ما يكون بين أطلال الفراعنة ومروج وادي النيل، وإنه ليروض نفسه على إقامة أيام إذ حانت له الطرفة التي سماها أعجب العجائب في بلاد العجائب، فانتوى الهجرة من قريب. •••

كان ذلك في ناحية من الصحراء وقد تردد عليه رجل من كتاب الصحف فسأل الشيخ تلميذه: ماذا عساه يريد؟

قال التلميذ: إنه يعتذر.

قال: ومم الاعتذار؟

قال: إن الرجل لكاتب المقال الذي أطلعتك عليه تفكهة وعبرة يوم وصلنا إلى هذه الديار.

قال: تعني الرجل الذي نعى على حكومة هذا البلد أنها احتفلت بمن سماه إمام الملحدين وشيخ الكافرين، وأنها من أجل ذلك خليقة بإغضاب المسلمين والمروق من حظيرة الدين.

قال التلميذ: هو بعينه.

فعجب الشيخ وسأل: وما اعتذاره اليوم؟

قال: اعتذاره أنه سيلقي عليك المقال الذي أعده للإنحاء على الحكومة لو أنها قصرت في لقائك، وأحجمت عن استقبالك. فهم خصوم الحكومة ينعون عليها كل ما تفعل ويقدحون في كل ما تنوي، فإن هي أكرمت وفادتك قالوا ما قد علمت، وإن هي قصرت في حفاوتها فهم قائلون ما ستسمعه الآن.

قال المعري: أحسبهم كانوا قائلين يومئذ إن هذه الحكومة تنكرت للعرب وآداب العرب، وقطعت ما بينها وبين لغة القرآن من سبب، وباعت نفسها للفرنجة، وحادت عن سواء المحجة، وغير ذلك مما ينتظم في هذا النظام!

Unknown page