لم تنطق بكلمة لكنها أومأت برأسها ثم أخذت الطفل منه مرة أخرى. قرب الزجاجة إلى شفتيها.
أخرج العلب الثلاث من السلة. كان الملصق الموضوع على أحدها قد سقط؛ وكانت العلبة ثقيلة لكنه لم يستطع معرفة ما بداخلها. كان مكتوبا على العلبة الثانية «خوخ في شراب مركز محلى.» أما العلبة الثالثة فكان بها فاصوليا مطبوخة في صلصة طماطم. من أجل هذه العلب الثلاثة وزجاجة المياه ماتت ميريام. لكنه كان يعلم أن ذلك تبسيط مخل للأمور. فقد ماتت ميريام لأنها كانت واحدة من أفراد الجماعة الصغيرة التي كانت تعرف حقيقة الطفل.
كانت فتاحة العلب من طراز قديم، اعترى الصدأ جزءا منها، وكانت حافتها القاطعة ثلمة. لكنها كانت تؤدي الغرض. فتح العلبة وثنى غطاءها للخلف، واحتضن رأس جوليان بيده اليمنى وبدأ يطعمها الفاصوليا بواسطة اليسرى. التهمتها بنهم. كان إطعامه لها لفتة حب. لم ينطق أي منهما بكلمة خلالها.
بعد خمس دقائق، وعندما فرغت العلبة حتى نصفها، قالت: «والآن دورك.» «أنا لست جائعا.» «بالطبع أنت جائع.»
كانت براجمه أكبر من أن تصل أصابعه إلى قاع العلبة، فحان دورها لإطعامه. جلست واضعة الطفل في حجرها وأدخلت يدها اليمنى الصغيرة في العلبة وأطعمته.
قال: «طعمها شهي.»
عندما فرغت العلبة، تنهدت تنهيدة صغيرة، ثم استلقت على ظهرها، وضمت الطفل إلى صدرها. واستلقى هو بجوارها.
قالت: «كيف ماتت ميريام.»
كان يعلم أنها ستسأل هذا السؤال. ولم يستطع أن يخفي عنها الحقيقة. «ماتت مخنوقة. لا بد أنها كانت ميتة سريعة للغاية. ربما حتى لم يتسن لها رؤية قاتليها. لا أعتقد أنه كان لديها متسع من الوقت لتشعر بالهلع أو بالألم.»
قالت جوليان: «ربما استغرق ثانية أو ثانيتين أو أكثر. لكن لا يسعنا أن نختبر تلك الثواني. لا يسعنا أن نعرف ما شعرت به من رعب وألم. فقد يختبر المرء رعب دهر كامل في ثانيتين.»
Unknown page