A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
Publisher
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Publisher Location
عمان
Genres
غَوائِل الحَسَد، وأعَاذَنا من شَرِّه.
مُقارَنة بين سيِّدنا يُوسُفَ - ﵇ - وَسَيِّدنَا مُحمَّد - ﷺ - فِي مَسْأَلة وُجُودِ الأب وَعَدَمِه
إِذَا عَقَدْت مُقَارنة بين سيِّدِنا يُوسُفَ - ﵇ - وَسَيِّدنا محمَّد - ﷺ - تجدُ أنَّ يُوسُفَ لمَّا وُلِدَ وَجَدَ لَهُ أَبًا يَحْنُو عَلَيهِ ويُحِيطه بَفَائق الْعِنَاية والرِّعَاية، ومحمَّد - ﷺ - لمَّا وُلِدَ وَتَلفَّت حَوَاليه لَم يَجِدْ أَباه، وَمَعَ ذَلِكَ مَا أَغْنَتْ حَيَاةُ يَعْقُوب - ﵇ - عَن يُوسف شَيْئًا، فَقَد انْتُزِعَ يُوسُفُ مِن بين يَدَيهِ، وَجَرَى لَهُ ما جَرَى، وَمَا اسْتَطَاع يَعْقُوب - ﵇ - أَن يَرُدَّ المقادِيرَ شَيْئًا، ومُحمَّدٌ - ﷺ - اليَتِيم يسَّرَ اللهُ له مَنْ شَمِلَهُ بِعنَايَتهِ من مَوْلِده حَتَّى وَفَاتهِ، فَالله تَعَالَى يُعْطينا صُورةً أَنَّ حَيَاة الوَالِدَين لا تُغَيِّر مِن مُجْرياتِ الْقَدر شَيْئًا، وَأَنَّ قَضَاءَ الله تَعَالى نَافِذٌ لا يَردُّه أحدٌ.
خُرُوج يُوسُفَ من الجُبِّ
وَبَيْنَما يُوسف فِي الْجبِّ مُحْتَسِبًا أَمْرَه إِلى الله تَعَالى، إِذْ جَاءَت رِفْقَةٌ تَسِيرُ لِمصْرَ، وَعِنْد الجُبِّ انْتَدَبوا ساقِيًا يَرِدُ لَهُم عَلَى الجُبِّ، وَيَأْتِيهِم بِالماءِ، قَال تَعَالى ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا ... وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ﴾ رَمَى الْوَارِدُ دَلْوَه فِي الْجبِّ فَتَعَلَّق يُوسُف بِهَا، فَلمَّا رَآه ﴿قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾ نَادَى بِفَرَحٍ وَسُرُورٍ الْبُشْرى عَلَى عَادَة الْعَرَبِ كَمَا تُنَادِي الْحَسْرة: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ... (٣٠)﴾ [يس].
ثُمَّ اتَّفَقَ الْوَارِدُ وَأَصْحابُهُ عَلَى إِخْفاء أَمْرِ يُوسُفَ وَبَيعِه بِمِصْرَ مَتَاعًا كَمَا تُبَاعُ الْبِضَاعةُ، قَال تَعَالَى: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٩)﴾ لَم يَخْفَ عَلَيْهِ تَعَالى أَسْرَارَهم وَمَا عَزَمُوا عَلَيه فِي أَمْرِ يُوسُفَ، وَلَكنَّ حِكْمَةَ الله تَعَالى اقْتَضَت ذَلِك؛ ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)﴾ [الأنفال].
1 / 48