Ghurar al-bayān min Sūrat Yūsuf ﵇ fī al-Qurʾān
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
Publisher
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Publisher Location
عمان
Genres
وترك العظماء سبب في هلاك الأمَّة، فقد هلكت أُمَمٌ من الَّذين خلوا من قبل بسبب ذلك.
ما أعظمَ الفَرْقَ!
سبحانَك يا ربّ!! ما أعظمَ الفَرْقَ بين الأنبياء وسائر البشر! فيَعْقُوب لما نَعَى أولادُه له يُوسُفَ، و﴿قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧)﴾، عزَّ على نفْسِه أن يصرِّحَ لهم بأنَّهم كاذبون، ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ مع أنَّهم كانوا كاذبين، وهو يعتقد ذلك، ولكنَّه ثَقُل عليه أن ينعتهم بهذه الصِّفة.
وأمَّا مؤذِّن يُوسُف ومَنْ معه: ﴿قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (٧٤)﴾ هكذا واجهوهم ووصفوهم، مع أنَّهم كانوا صادقين، وفتيان يُوسُفَ يعلمون ذلك، فما أعْظَمَ الفَرْقَ! وما أعْظَمَ أَخْلاقَ الأنبياء! صلوات الله وسلامه عليهم.
ثُبُوتُ السَّرقة على شَقِيقِ يُوسُفَ
وعندما سمع يُوسُفُ الفتوى والجواب المنتظر من إخوته؛ اطمأنَّ قلبُه، ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ أخذ يفتِّش أوعيتهم بحثًا عن الصِّواع قبل وعاء شقيقه؛ إتمامًا للحيلة، وتمكينًا لها، ودفعًا للتُّهمة والتَّواطؤ في القضيَّة، ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا﴾ أي السِّقاية ﴿مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ وهكذا ثَبَتَتْ السَّرِقةُ عليه.
﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ أي كذلك كاد الله تعالى لأجْلِ يُوسُفَ ودبَّرَ له وألهمه الحيلة؛ ليستبقي أخاه عنده.
﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ أي لم يكن في شَرْع مِصْر أن يأخذ أخاه بالسَّرقة، ولكن هذا الحكم كان في شريعة يعقوب - ﵇ - وهو تفسير للكيد، وبيان
1 / 147