94
وَالْنُّفُوْسَ الْبَاحِثَةَ فِيْ غَيْرِ سَبِيْلِ الْعِلْمِ، انْفَخُوْا فِيْهَا رُوْحًَا جَدِيْدَةً مُثِيْرَةً، فِيْهَا كُلُّ مَا فِيْ الْكَهْرَبَاءِ مِنْ نَارٍ وَنُوْرٍ. (^١)
وَمِنْ أَجْمَلِ مَنْ تَحَدَّثَ عَنْ مَكَانَةِ الْعِلْمِ فِيْ مَنَازِلِ الْشَّرَفِ، عَبْدُالقَاهِرِ الجُرْجَانِيُّ (ت ٤٧١ هـ) ﵀ بِكَلَامٍ أَخَّاذٍ، يُثِيْرُ الْهِمَّةَ لِنَيْلِ الْرُّتَبِ الَعَلِيَّةَ، اقْرَأَ وَاسْمَعْ وَتَدَبَّرْ قَوْلَهُ: (إِذَا تَصَفَّحْنَا الْفَضَائِلَ لِنَعْرِفَ مَنَازِلَهَا فِيْ الْشَّرَفِ، وَنَتَبِيَّنَ مَوَاقِعَهَا مِنَ الْعِظَمِ؛ وَنَعْلَمَ أَيٌّ أَحَقٌّ مِنْهَا بِالْتَّقَدِيْمِ، وَأَسْبَقُ فِيْ اسْتِيْجَابِ الْتَّعَّظِيْمِ؛ وَجَدْنَا الْعِلْمَ أَوْلَاهَا بِذَلِكَ، وَأَوَّلُهَا هُنَالِكَ؛ إِذْ لَا شَرَفَ إِلَّا وَهُوَ الْسَّبِيْلُ إِلَيْهِ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا وَهُوَ الْدَّلِيْلُ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْقَبَةَ إِلَّا وَهُوَ ذُرْوَتُها وَسَنَامُهَا، وَلَا مَفْخَرَةَ إِلَّا وَبِهِ صِحَّتُهَا وَتَمَامُهَا، وَلَا حَسَنَةَ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُهَا؛ وَلَا مَحْمَدَةَ إِلَّا وَمِنْهُ يَتَّقِدُ مِصْبَاحُهَا، وَهُوَ الْوَفيُّ إِذَا خَانَ كُلُّ صَاحِبٍ، وَالْثِّقَةُ إِذَا لَمْ يُوْثَقْ بِنَاصِحٍ، لَوْلَاهُ لَمَا بَانَ الإِنْسَانُ مِنَ سَائِرِ الْحَيَوَانِ إِلَّا بِتَخْطِيْطِ صُوْرَتِهِ، وَهَيْئَةِ جِسْمِهِ وَبِنْيَتِه، لَا، وَلَا وَجَدَ إِلَى اكْتِسَابِ الْفَضْلِ طَرِيْقًَا، وَلَا وَجَدَ بِشَيءٍ مِنَ الْمَحَاسِنِ خَلِيْقًَا.

(^١) اقتباس من «آثار البشير الإبراهيمي» (٣/ ٤٥٥).

1 / 95