142

...

بين العقيدة والقيادة

Publisher

دار القلم - دمشق

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

الدار الشامية - بيروت

Genres

بمكة المكرمة، ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة (١). ولما رأت قريش أن رسول الله ﷺ قد كانت له أتباع وأصحاب من غيرهم في غير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، وعرفوا أنهم قد نزلوا دارًا وأصابوا منهم مَنَعَة، فحذروا خروج رسول الله ﷺ إليهم لأنهم خافوا أن يحاربهم، فاجتمعوا في دار (الندوة) يتشاورون فيما يصنعون من أمر رسول الله ﷺ، فقال أحدهم: "احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابًا، ثم تربَّصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله"، وقال آخر: "نخرجه من بين أظهرنا، فننفيه من بلادنا، فإذا أخرج عنا، فوالله لا نبالي أين يذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وأُلفَتنَا كما كانت". وقال أبو جهل بن هشام: "والله إن لي لرأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد! أرى أن نأخذ من كل قبيلة شابًا فتىً جَلْدًا نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه؛ فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرّق دمه في القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالعقل (٢) فعقلناه لهم"؛ فتفرَّق القوم على ذلك وهم مجتمعون (٣). واجتمع الشباب الذين اختارهم أشراف قريش من القبائل لقتل النبي ﷺ على بابه ليلًا يرصدونه متى نام ليثبوا عليه، فلما رأى

(١) سيرة ابن هشام (٢/ ٧٦). (٢) العقل: الدية. (٣) سيرة ابن هشام (٢/ ٩٢ - ٩٥).

1 / 151