بتلك الشجيرة الخضراء، كنت أزين ردهة الاستقبال كل يوم عيد وكل يوم اجتماع.
وفي أحد الأمساء، وقد خرج الزائرون، سمعنا جلبة سقوط وتكسر، فسارعنا، فإذا الهرة البيضاء واقفة في الظلام وقد دهشت لما نتج عن تلك القمزة الواحدة من قمزاتها العديدة.
وكان الإناء الخزفي قد انقلب وتحطم، فتبعثرت أجزاؤه، وانفصل عنق الشجيرة المليح عن جذعها وتجندل بعيدا كمن يعلم أنه صائر إلى لا شيء بعد الذبول والجفاف، مع وريقات أنيقة لصقت به، فتخللت خضرتها تلك الخطوط الدقيقة من حمراء وبرتقالية وفستقية وصفراء.
فجمدت جمود الآسف.
ثم وضعت العنق الطويل وما انتشر عليه من بهيج الوريقات في آنية طافحة بالماء، لعله يستبقي حسنه أياما أخرى أو ساعات، وأحكمت الجذع وما تشبث به من متراكم التراب في إناء خزفي جديد، وجعلت له مكانا توفر فيه الهواء والنور والحرارة.
وما انقضى أسبوع وجاء آخر إلا وبدت طلائع الوجود في ذلك الجذع المجدوع، وأسفرت عند جوانبه بسيمات خضراء.
فزدت تعلقا به وحرصا عليه، أرقب فيه تفرع قدود الأغصان، وتكون صور الأوراق، ولم يعد ينتظر سوى مرور الأيام لينمو ويتكامل.
فوقفت أعجب به ذات صباح وهتفت قائلة: «بورك بك، أيتها الطبيعة السخية الوهوبة! ما أتلفت يد الضياع ودمرت إلا رممت يد العطاء منك وجددت. سترد إلي بفضلك شجيرتي الحسناء، أضعها في صدر الردهة، فتبدو لي الردهة بها إيوانا صغيرا. بورك بك أيتها الطبيعة الملبية الشفيقة؛ لأن إشارتك الأخيرة هي دوما إشارة الذل والبناء!»
في هذه اللحظة، أقبلت طفلة الهرة المولودة حديثا تفتح عينيها المغمضتين للتعرف بما حواليها. وما لبثت أن لمحت الآنية الخزفية أمامها، فمدت إليها يدها الصغيرة وقمزت إلى حافتها تشتم وريقات النبتة المتجددة. ... ترى، أتأتي البنت ما سبقتها الأم إلى فعله؟
يوم الموتى
অজানা পৃষ্ঠা