আধুনিক যুগের সংস্কার বিষয়ক নেতারা
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
জনগুলি
أما كتاب «طبائع الاستبداد»، فقد نشر - أولا - مقالات في بعض الصحف عندما كان في مصر سنة 1318ه، ثم جمعها في كتاب وقال في أوله: «إني نشرت في بعض أبحاثا علمية سياسية في طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، منها ما درسته، ومنها ما اقتبسته، غير قاصد بها ظالما بعينه، ولا حكومة مخصصة، إنما أردت بذلك تنبيه الغافلين لمورد الداء الدفين، عسى أن يعرف الشرقيون أنهم هم المتسببون لما هم فيه، فلا يعتبون على الأغيار، ولا على الأقدار، ثم أضفت إليها بعض زيادات، وحولتها إلى هيئة هذا الكتاب».
وقد اقتبس فيه كثير من أقوال «الفيري» ولا أعرف كيف وصلت إليه وألفيري، كاتب إيطالي عاش من سنة 1749-1803، من بيت نبيل وقد ساح في أوربا نحو سبع سنوات، ودرس كتب فولتير وروسو ومنتسكيرو، وتشبع بآرائهم الحرة وتعشق الحرية وكره الاستبداد أشد الكره، ووجه أدبه للتغني بالحرية ومناهضة الاستبداد، ينطق بذلك أبطال رواياته، ويبثه في كتاباته. ولكن الكواكبي هضمها وعدلها بما يناسب البيئة الشرقية والعقلية الإسلامية، وزاد عليها من تجاربه وآرائه.
2
وكتاب «طبائع الاستبداد» يدور حول تعريف الاستبداد بأنه «صفة للحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شئون الرعية كما تشاء، بلا خشية حساب ولا عقاب». ويأتي هذا من كون الحكومة مطلقة التصرف، ولا يقيدها قانون ولا إرادة أمة أو أنها مقيدة بنوع من ذلك ولكنها تملك بنفوذها إبطال هذه القيود والسير على ما تهوى؛ والحكومة ميالة بطبعها إلى الاستبداد، لا يصدها عنه إلا وضعها تحت المراقبة الشديدة ومحاسبتها محاسبة لا تسامح فيها، وإلا قوة الرأي العام وعظمة سلطانه.
والمستبد يتحكم في شئون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحكم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المعتدي، فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس، يسدها عن النطق بالحق ومطالبتها به.
والمستبد عدو الحق، وعدو الحرية وقاتلها.
والمستبد يود أن تكون رعيته بقرا تحلب، وكلابا تتذلل وتتملق، وعلى الرعية أن تدرك ذلك فتعرف مقامها منه: هل خلقت خادمة له، أو هي جاءت به ليخدمها فاستخدمها؟ والرعية العاقلة مستعدة أن تقف في وجه الظالم المستبد، تقول له أريد الشر، ثم هي مستعدة لأن تتبع القول بالعمل، فإن الظالم إذا رأى المظلوم قويا لم يجرؤ ظلمه.
وقد بحث بحثا مستفيضا في علاقة الاستبداد بالدين، ونقل عن الإفرنج رأيهم في أن الاستبداد في السياسة متولد من الاستبداد في الدين أو مساير له. فكثير من الأديان تبث في نفوس الناس الخشية من قوة عظيمة لا تدرك كنهها العقول، وتهددهم بالعذاب بعد الممات تهديدا ترتعد منه الفرائص،
2
ثم تفتح بابا للخلاص والنجاة بالالتجاء إلى الأحبار والقسس والمشايخ، بالذلة لهم، والاعتراف أمامهم، وطلب الغفران منهم. والمستبدون السياسيون يتبعون هذه الطريقة فيسترهبون الناس بالتعالي والتعاظم، ويذلونهم بالقهر والقوة وسلب الأموال، حتى لا يجدوا ملجأ إلا التزلف لهم وتملقهم! وعوام الناس يختلط عليهم في أذهانهم الإله المعبود والمستبدون من الحكم، فيتشابه عندهم استحقاق التعظيم، وينزهونهم عن سؤالهم عما يفعلون ولا يرون لهم حقا في مراقبتهم على أعمالهم، كما أنه ليس لهم حق في مراقبة الله فيما يفعل!! ولهذا خلعوا على المستبد صفات الله كولي النعم، والعظيم الشأن، والجليل القدر، وما إلى ذلك! وما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك فيها الله أو تربطه برباط مع الله ولا أقل من أن يتخذ بطانة من أهل الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله!!
অজানা পৃষ্ঠা