============================================================
الأمر الآخر هو الكلمات الأجنبية في اللغة العربية . "وقد جاءت ألفاظ من كلام العجم في أشعار الفصحاء من العرب" (1) . وتعربت هذه الألفاظ فصارت جزءا من المنظومة اللغوية العربية . فهل يصح عليها الاشتقاق؟ يكتسب هذا السؤال أهمية خاصة، إذا تذكرنا أن بعض هذه المفردات الأجنبية ورد في القرآن الكريم . ذهب الجيل الأول من اللغويين إلى نفي ورود ألفاظ أجنبية في القرآن، فرأى أبوا عبيدة أن من قال بورود كلمة أجنبية في القرآن فقد "أكبر". ولكن بدءا من أبي عبيد، توصل اللغويون إلى صيغة مقبولة مفادها أن هذه الكلمات استعارثها العربية من اللغات الأخرى، مثل اليونانية والآرامية والفارسية والحبشية، في مراحل سابقة على الإسلام، وتمكنت من تعريبها وضمها إلى الجهاز اللغوي العربي وحين نزل القرآن الكريم، كانت هذه الألفاظ تشكل جزءا لا يتجزأ من اللغة العربية. فهي كلمات عربية الاستعمال، أجنبية الأصول .ا والسمة الأبرز التي عني بها الاشتقاق هي الكلمات العربية الخالصة التي استخدمها الإسلام بمعان لم تكن تعرفها العرب في الجاهلية . لأن الإسلام، من حيث هو حقبة تأسيسية جديدة أرادت أن تقلب النظام التقافي الجاهلي الذي كان سائدا ، استحدث عددا كبيرا من المفاهيم التي لم تكن تعرفها العرب قبله، وأوجد لها تسميات باستخدام مفردات كانت تستخدم بمعاني أخري، لم تكن العرب ستعملها بالمعاني التي أطلقها عليها. مفهوم "الكفر" مثلا لم يكن موجودا عند العرب في الجاهلية بمعنى الجحود بالله ونكرانه، بل كان يعني جحود النعمة والتستر عليها. والنفاق، بمعنى المراءاة الأخلاقية المزورة، لم تكن تعرفه العرب على الإطلاق، بل كانوا يعرفون "النافقاء" أو "النفق" ، أي جحر اليربوع، الذي يحفره بفتحتين، إذا هوجم من إحداهما أفلت من الأخرى. ويصح هذا على - نفتقر إلى الوسائل التي نستطيع أن نبحث من خلالها في اللغة الأولى، ولا يزيد عمر اللغات لا المكتوبة التي نعرفها ، مثل اللغة السومرية، التي تمثل أقدم لغة مكتوبة معروفة حتى الآن ، عن خمسة آلاف سنة . في حين أن ظهور اللغات، فيما يرجح كان قبل ما يقرب من سبعمائة ألف سنة . وقد شهدت هذه الفترة الطويلة على نحو خارق ظهورا واختفاء لملايين اللغات التي لا نعرف عنها شيئا.
(1) الزجاجي : اشتقاق أسماء الله ص 284 .
পৃষ্ঠা ৫৮