============================================================
مفاهيم إسلامية كثيرة، مثل الصلاة والصيام والزكاة وغيرها . لقد استعمل الإسلام م فردات كانت تستعمل في حقول دلالية أخرى، لصياغة "مفاهيمه" الجديدة التي لم تألفها العرب قبله. فكان على الاشتقاق أن يعثر على الصلة اللغوية الرابطة بين المفردات القديمة والمفاهيم الإسلامية الجديدة.
الصعجم الاشتقاقي ومن هنا بدأ أبو حاتم الرازي، حين أراد أن يكتب معجما دلاليا اشتقاقيا لمفردات اللغوية الاصطلاحية في الإسلام. كانت المعاجم اللغوية السابقة عليه تنظم الوحدات اللغوية إما حسب المادة الصوتية، مثل معجم "العين"، أو حسب الحقل الدلالي، مثل "الغريب المصنف" لأبي عبيد، أو حسب المادة الصرفية مثل "الفصيح" لثعلب، أو حسب قائل الكلام، كما هو متبع في كتب ل"غريب الحديث" . وهكذا عمل أبو حاتم على إنتاج "معجم اشتقاقي" يختلف عن المعاجم السابقة، ليس فقط في طريقة التصنيف، بل في اعتماد الاشتقاق مبدأ للعمل الغوي.
ر أينا أن الاشتقاق كان المنهج الذي ازدهر لدى أتباع حلقة المبرد. وهو بعينه المنهج الذي اتبعه أبو حاتم في "الزينة" . ومن خلال الاشتقاق تتم مراجعة المواد الغوية استنادا إلى المشابهات الدلالية والصوتية والصرفية معا، ويرد المعنى المستحدث، المجرد في الغالب، إلى مادة مجسدة أو عينية سابقة عليه . على سبيل المثال، لا توجد صلة مباشرة بين مفردة (النفاق) التي استحدثها الإسلام، وكانت م فهوما أخلاقيا مجردا، ومفردة (النافقاء) أو (نفق اليربوع) ، التي هي مفهوم مجسد خالي من الدلالة الأخلاقية تماما ، وتنتمي كلتا المفردتين إلى سياق دلالي مختلفي وتنطوي على إيحاءات مختلفة . ولكن بملاحظة أن اليربوع يحفر نفقه بفتحتين، وينفتح على فضائين مختلفين، وأن (المنافق) يرائي على النحو نفسه بمواقف أخلاقية مزدوجة، وينفتح على الفضاء الأخلاقي للمسلمين والفضاء الأخلاقي ل لمشركين، فيمكن توسعة الجذر الاشتقاقي (للنفق) ، كمفهوم مادي ملموس قبل ال الإسلام، لكي يشمل العملية الأخلاقية الطارئة بعد الإسلام (للنفاق) . وهكذا
পৃষ্ঠা ৫৯