المشهور من هذه الفرق هي: الجارودية، والبترية الصالحية، والبترية الجريرية. وهذه الفرق الثلاث تنسب إلى أشخاص عاشوا في الفترة التي تلت استشهاد الإمام زيد بن علي. فالجارودية تنسب إلى أبي الجارود المتوفى سنة 150 او 160، والبترية الصالحية تنسب إلى الحسن بن صالح بن حي 168، والبترية الجريرية تنسب إلى سليمان بن جرير المتهم بسم الإمام إدريس بن عبدالله. وهناك أكثر من تحفظ على اعتبار وجود هذه الفرق، بل وغيرها من الفرق الإسلامية، حيث إنه كان يكفي وجود عدد قليل من الأشخاص ذوي رأي مميز في قضية ما لكي يصبحوا فرقة. ولقد كان كتاب الفرق مولعين بتكثير الفرق لكي يمكنهم الوصول إلى عدد 72 المشار إليه في الحديث، وتكون الفرقة ال 73 هي فرقة المؤلف الناجية. كما إنه يوجد خلط في المصادر بين البترية والصالحية والجريرية مما يوقع المرء في حيرة من واقع حالهم. فالصالحية نسبة للحسن بن صالح بن حي، والبترية نسبة إلى سليمان بن جرير على رأي، ونسبة إلى كثير النوا على رأي آخر. وأما السليمانية فنسبة لسليمان بن جرير. والصالحية والبترية يعدان فرقة واحدة، وتأتي مشكلة نسبتهما من هذه الجهة، فإذا كانت البترية نسبة إلى سليمان بن جرير، فهذا يجعلها والسليمانية نسبة لشخص واحد. ومهما كان الأمر، فإنها عدا الجارودية لم يظهر لها أثر بعد القرن الثاني؛ فلا نكاد نجد من ينسب إليها، كما لا نكاد نجد بين الزيدية بعد القرن الثاني من قال بما نسب إليهم من مقالات. أما الجارودية فلعلها أطلقت في أول الأمر على الشيعة الزيدية التي كان لها رأي مخصوص في طبيعة النص على الإمام علي، فقد كانت ترى أنه نص جلي يظهر مدلوله بمجرد سماعه. ثم صارت فيما بعد علما على كل من قال بمثل قولهم. ولعل هذا يبين قصد صاحب الحور العين، والإمام عبدالله بن حمزة إلى أن زيدية اليمن جارودية. ومن الفرق الأخرى هي الحسينية والمطرفية والمخترعة. أما الحسينية فهي جماعة لم تقبل خبر مقتل إمامها الإمام الحسين بن القاسم العياني(ت 404ه)، فقالت بغيبته، وهي جماعة محدودة لم تستمر. وأما المطرفية فجماعة من الزيدية كان لها تفسيرها الخاص لعلاقة الله تعالى بخلقه، وقد نشأت نسبة لمطرف بن شهاب ق5، ثم امتد وجودها حتى عصر الإمام عبدالله بن حمزة (ت614ه)، حيث إنه في آخر أيامه، ولما بدءوا يظهرون التمرد على بيعته، قاتلهم. وهناك من يقول بأنه بالغ في قتلهم، ولكثرة ما دار حولهم رأيت أن أفرد بعض الملاحظات حولهم. وأما المخترعة فأطلقت على الرأي الذي يخالف رأي المطرفية، وبالتالي على من خالفهم، فالتسمية عارضة، وسببها نشوء الخلاف حول ذلك الموضوع. ولأهمية المطرفية حيث كان لوجودها تأثير على الساحة الفكرية والسياسية للزيدية، بخلاف غيرها من الفرق العقائدية، سأضع بعض النقاط حولهم فيما يلي:
পৃষ্ঠা ৯৫