فدعِ الهوَى أوْ متْ بدائكَ إنَّ مِنْ ... شأنِ المُتيَّمِ أنْ يموتَ بدائهِ
وله أيضًا:
ألنْتَ لي الأيَّامَ مِن بعدِ قسوةٍ ... وعاتبتَ لي دهرِي المسيءَ فأعتبا
وألبسْتَنِي النُّعمَى الَّتي غيَّرتْ أخِي ... عليَّ فأضحَى نازِحَ الودِّ أجنبَا
وقال آخر:
ولمَّا خلوْنا واطْمأنَّتْ بنا النَّوى ... وعادَ لنا العيشُ الَّذي كنتُ أعرفُ
أخذتُ بكفِّي كفَّها فوضعْتُها ... علَى كبدٍ من خِشيةِ البَيْنِ ترجفُ
قال محمد بن نصير:
لا أظلمُ اللَّيلَ ولا أدَّعِي ... أنَّ نجومَ اللَّيلِ ليستْ تغورُ
اللَّيلُ ما شاءتْ فإن لمْ تزرْ ... طالَ وإنْ زارتْ فلَيْلِي قصيرُ
وقال جميل:
تذكَّرَ منها القلبُ ما ليسَ ناسيًا ... ملاحةَ قولٍ يومَ قالتْ ومعهدَا
فإن كنتَ تهوَى أوْ تُريدُ لقاءَنا ... علَى خلوةٍ فاضربْ لنا منكَ موعِدا
فقلتُ ولمْ أملكْ سوابقَ عبرةٍ ... أأحسنُ مِنْ هذا العشيَّةَ مَقعدا
فقالتْ أخافُ الكاشحينَ وأتَّقي ... عيونًا منَ الواشينَ حوليَ شُهَّدا
وقال خالد الكاتب:
عشيَّةَ حَيانِي بوردٍ كأنَّهُ ... خدودٌ أُضيفتْ بعضهنَّ إلى بعضِ
وولَّى وفِعلُ السُّكْرِ في لحظاتهِ ... كفعلِ نسيمِ الرِّيحِ بالغصنِ الغضِّ
وقال آخر:
وقصيرةِ الأيَّامِ ودَّ جليسُها ... لوْ نالَ مجلسَها بفقدِ حميمِ
بيضاءُ مِنْ بقرِ الجِواءِ كأنَّما ... حفن الحياةِ بها وداءُ سقيمِ
وقال عروة بن أذينة:
فذَّانِ يُعنيهما للبينِ فرقتهُ ... ولا يملاَّنِ طولَ الدَّهرِ ما اجتمعَا
مستقبلانِ نشاطًا مِنْ شبابِهِما ... إذا دعَا دعوةً داعِي الهوَى سمِعا
لا يعجبانِ بقولِ النَّاسِ عنْ عُرضٍ ... ويعجبانِ بِما قالا وما صنَعَا
وقال العرجي:
لَقيتُ بهِ سرَّ ينظرنَ موعدِي ... وقِدمًا وفتْ منِّي لهنَّ المواعدُ
أمِنَّ العيونَ الرَّامقاتِ ولمْ يكنْ ... لهنَّ بهِ عينٌ سوَى الصُّبحِ رائدُ
فبتُّ صريعًا بينهنَّ كأنَّني ... أخُو سقمٍ تحنُو عليهِ العوائدُ
يفدِّينِي طورًا ويضمُمْنَ تارةً ... كما ضمَّ مولودًا إلى الصَّدرِ والدُ
لعمرِي إنْ أبدَيْنَ لي الودَّ إنَّني ... بهنَّ وإنْ أخفيتُ وجدي لواجدُ
وقال البحتري:
وأهيفُ مأخوذٍ منَ النَّفسِ شكلهُ ... ترَى العينُ ما تحتاجُ أجمعَ فيهِ
ولمْ تنسَ نفسِي ما سُقيتُ بكفِّهِ ... منَ الرَّاحِ إلاَّ ما سُقيتُ بفيهِ
أرَى غفلةَ الأيَّامِ إعطاءَ مانعٍ ... يُصيبكَ أحيانًا وحلمَ سفيهِ
وقال آخر:
وليلٍ لم يقصِّرهُ رقادٌ ... وقصَّرهُ مُنادمةُ الحبيبِ
نعيمُ الحبِّ أورقَ فيهِ حتَّى ... تناوَلْنا جَناهُ مِنْ قريبِ
ومجلسِ لذَّةٍ لمْ نقوَ فيهِ ... علَى شكوَى ولا عذرِ الذُّنوبِ
فلمَّا لمْ نطقْ فيهِ كلامًا ... تكلَّمتِ العيونُ عنِ القلوبِ
وأنشدتني ستيرة العصيبية:
بتْنا بأطيبَ ليلةٍ وألذِّها ... يا ليتَها وُصلتْ لنا بليالِ
حتَّى إذا ما اللَّيلُ أُشعلَ لونهُ ... بالصّبحِ أوْ أودَى علَى الإشغالِ
نادَى منادٍ بالصَّلاةِ فراعَنا ... ومضَى جميعُ اللَّيلِ غيرَ نوالِ
فنهضنَ مِنْ حذرِ العيونِ هواربًا ... نهْضَ الهِجانِ بدَكْدَكٍ مُنهالِ
ثمَّ اطَّلعنَ كأنَّهنَّ غمائمٌ ... زمنَ الرَّبيعِ هممْنَ باستهلالِ
حتَّى دفعنَ إلى فتًى جشَّمنهُ ... ردَّ الكرَى وتعسُّفَ الأهوالِ
وقال بعض أهل هذا العصر:
خليليَّ أغرانِي منَ الشَّوقِ والهوَى ... وأخلطُ مِنْ ماءِ الشَّاربينِ بالخمرِ
فصدرٌ علَى صدرٍ ونحرٌ علَى نحرٍ ... وخدٌّ علَى خدٍّ وثغرٌ علَى ثغرِ
يظلُّ حسودُ القومِ فينا مفكِّرًا ... بخيْلٍ منِ المعشوقُ منَّا فلا يدرِي
وقال عمر بن أبي ربيعة:
وغضيضِ الطَّرفِ مِكسالِ الضُّحى ... أحورِ المقلةِ كالرِّيمِ الأغنْ
مرَّ بي في بقرٍ يحفُفْنهُ ... مثلَ ما حفَّ النَّصارى بالوثنْ
1 / 23