أترى السعادة شطرتين؟
والتقيت بالزهاوي - رحمه الله - وأنا أومن بأن السعادة حقيقة وليست بأكذوبة، فلما قال الأستاذ الزهاوي: لا سرور في الحياة ولا لذة، وإنما اللذة عدم الألم، قلت: هذا كقولنا: إن الحياة عدم الموت، والأولى أن تعكس القضية فيقال: إن الموت عدم الحياة.
قال: ولم تقرن اللذة بالحياة وتجعل لهذه حكم تلك في القياس؟
قلت: إن الحياة قوة إيجابية لا قوة سلبية، وكذلك الشعور بما يوافقها هو قوة إيجابية من نوعها، وليس امتناع قوة أو عدمها؟
والآن؟
تسألني ما قولك الآن؟!
قولي الآن: إنني أعرف السعادة من وجهها ومن قفاها وفي صدقها وفي ريائها؛ ولكنني أقاربها وأنا مشفق من عواقبها؛ إذ أنا على يقين من كشف الحساب الذي يعقب كل نشوة من نشواتها، وكشف الحساب هذا عملة مسكوكة من المحظورات والمخاوف والشكوك، وهي العملة التي تشترى بها السعادة على اختلاف أصنافها وطبقاتها، فعلى قدر السعادة يكون الثمن، وعلى قدر النشوة يكون الحذر والألم والتنغيص!
ولا أكتفي مع هذا بأن أقول: إن الخوف لازم لأداء ثمن السعادة، بل أزيد عليه أن الخوف لازم لمعرفتها، ولو بذلت لك بذل السماح، وإن الخوف حافز إليها يغريك بنشدانها، فمن لم يخف لم يسعد، وليس بالعالم الذي لا خوف فيه حاجة إلى السعادة!
الفصل الثالث والعشرون
الطموح والتمني
অজানা পৃষ্ঠা