أما أنصار الكنيسة الحرة من إصلاحيين أو غير إصلاحيين؛ فلم يسعهم قبول الاقتراحات التي من شأنها أن تحدث معارضة شديدة في الأوساط الكنيسية جميعها، فأعد الإصلاحيون الكنسيون لائحة أخرى تضمن صيانة المساكن الخاصة بالتعليم والشئون الخيرية وتضع واردات الأملاك الكنيسية تحت تصرف مجلس الأساقفة المنتخب من قبل جميع الكاثوليك البالغ أعمارهم أكثر من ثلاثين سنة.
وأصبح التوفيق بين اللائحتين المتباينتين عسيرا ويظهر أن المجلس نفسه كان أشد من الوزارة شعورا ضد الإكليروس، ولما يئست الحكومة من الوصول إلى تسوية؛ اعتزمت التفاهم مع روما مبتدئة بتسوية المقاعد الأسقفية الشاغرة، وكان قد بلغ عدد تلك المقاعد الشاغرة 108 مقاعد من 229 مقعدا، وقد شغر بعضها بفصل أربابها والبعض الآخر بالموت أو الالتجاء إلى روما أو إلى الخارج.
وكانت جميع الأحزاب السياسية ترغب في تقليل عدد الأسقفيات وتخفيض وارداتها التي تبلغ ثلث واردات الأسقفيات في فرنسة وإسبانيا معا، وما عدا ذلك فكانت هناك مشكلة البراءة
Exquatein
ويمين الإخلاص، وكان قانون بيمونته القديم كقوانين البلاد الأخرى؛ يحتم على الأسقف ألا يباشر أعمال منصبه في المملكة إلا بعد حصوله على براءة ملكية، وكانت البابوية قد اعترفت بذلك رسميا في إيطالية الشمالية ولكن لم يتجاوز الاعتراف إلى إيالات البابا القديمة وإلى نابولي، إذ إن ذلك معناه الاعتراف بسيادة الملك عليها الأمر الذي لا تريد روما أن تقره، ثم إن روما كانت تعمل بشدة على فكرة إجبار كل أسقف جديد على أداء يمين الإخلاص والولاء لقوانين الدولة.
وكانت وزارة منجيني قد أهملت قضية الأسقفيات الشاغرة، بيد أن لامارمورا راي ألا منتدح عن البحث فيها وتسويتها، ولما قدم البابا في آذار سنة 1865 بعض مقترحات لتسويتها انتهز لامارمورا هذه الفرصة للمفاوضة، وأوفد إليه مندوبا زوده بالتعليمات التي تقضي بأن يعترف بأكثرية التعيينات التي أجراها البابا، وأن يوافق على عودة الأساقفة المنفيين ما عدا الذين كرههم الشعب؛ لأن عودتهم قد تحدث اضطرابات، على أن يؤدي جميع الذين يعينون حديثا يمين الإخلاص، وأن يحصلوا على البراءة.
وهذان الأمران تكاد تجمع البلاد الكاثوليكية على الأحرار بضرورتها، وقد أظهرت روما - بادئ الأمر - ميلا نحو التساهل، وكان البابا يتوق إلى إشغال الأسقفيات الشاغرة، وقد جال في خاطره استدعاء حامية إيطالية حين ذهاب الإفرنسيين، بيد أن المنفيين في روما عارضوا كل حدث يؤدي إلى الاعتراف بالمملكة الجديدة، وكان لانزا يستطيع أن يجرد المعارضين هؤلاء من السلاح لو قبل اقتراحه بالكف عن المطالبة بيمين الإخلاص والبراءة معا، بيد أن أكثرية الوزارة رفضت ذلك، وانتهى الأمر بأن قطع أنتونللي المفاوضات، ولما علم الناس بفشل المفاوضات تنفسوا الصعداء، وكانت الجماعات المتنفذة والمعتدلون والدموقراطيون ينفرون من كل ما يتعلق بمشروع أو مبدأ الكنيسة الحرة، حتى إن الرهبان الأحرار أنفسهم أقدموا على الانضمام إلى المحتجين فاشتد سخط البلاد على روما.
الفصل السابع والثلاثون
فتح فنيسيه
1865-تشرين الأول 1866
অজানা পৃষ্ঠা