============================================================
بالقضاء، والشكر على النعماء، يحببون الله تعالى إلى العبيد بذكرهم إياديه واحسانه، ويحثون على الإنابة إلى الله تعالى، علماء بعظمة الله، عليماء بعظيم قدرته، وعلماء بكتابه وسنته، فقهاء في دينه، علماء با يجب ويكره، ورعين عن البدع والأهواء، تاركين للتعمق والاغلاء، مبغضين للجدال والمراء، متورعين عن الاغتياب والظلم، مخالفين لأهوائهم، محاسيين لأنفسهم، مالكين لجوارحهم، ورعين في مطاعمهم وملابسهم وجميع أحوالهم، مجانبين للشبهات، تاركين للشهوات، مجتزئين بالبلغة من الأقوات ، متقللين من المباح ، زاهدين في الحلال، مشفقين من الحساب، وجلين من المعاد، مشغولين بينهم، مزرين على أنفسهم من دون غيرهم، لكل امريء منهم شأن يغنيه، علماء بأمر الأخرة وأقاويل القيامة، وجزيل الثواب وأليم العقاب، وذلك أورثهم الحزن الدائم والهم المقيم، فشغلوا عن سرور الدنيا ونعيمها.
ولقد وصفوا من آداب الدين صفات، وحدوا الورع حدودا ضاق لها صدري، وعلمت أن آداب الدين وصدق الورع بحر لا ينجو من الغرق فيه شي، ولا يقوم بحدوده مثلي، فتبين لي فضلهم، واتضح لي نصحهم، وأيقنت أنهم العاملون بطريق الآخرة، والمتأسون بالمرسلين، والمصابيح لمن استضاء بهم، والهادون لمن إسترشد فأصبحت راغبا في مذهبهم ، مقتبسأ من فوائدهم، قابلا لآوابهم، محبا لطاعتهم، لا أعدل بهم سببا(1) ولا أوثر عليهم احدا، ففتح الله لي علما اتضح لي برهانه، وأنسار لي فضله، ورجوت التجاة لمن اقتربه أو انتحله، وأيقنت بالغوث لمن عمل به.
ورأيت الاعوجاج فيمن خالفه . ورايت الرين(2) متراكما على قلب من (1) في نسخة اخرى : لا أعدل بهم شيئا .
(2) الرين : ما يتراكم على القلوب من لذات الحرام والشبهات ، حتى يتحجر القلب ويقسو، فلا يلين لوعظة، ولا يرق لمعرفة، ولا ينهض لمشاهدة، فإذا قوي الرين صار ختما قال تعالى : ( ختم الله على قلوبم وعلى سعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظظيم)
পৃষ্ঠা ৬৩